يواصل مهرجان المركز الكاثوليكي المصري للسينما دوراته السنوية بانتظام ودأب، ويعقد دورته الـ58 راهناً وتستمر حتى 26 من الجاري، إذ تحوّل إلى مؤسسة ثقافية فنية حقيقية، لها تقاليدها ومعالمها ومعاييرها، في وقت ومناخ يقل فيهما ما يتّخذ طابع المؤسسات الثقافية وسمات الانتظام والدقة. يرأس لجنة التحكيم هذا العام فنان السينما المخرج توفيق صالح، وكعادته يكرم المهرجان عدداً من الفنانين، هم: ميرفت أمين، صلاح السعدني، سهير الباروني، المنتصر بالله ود. فاروق الرشيدي.

Ad

خلال 2009 عُرض في السينما المصرية 39 فيلماً، وبعد تصفية أولى قام بها المهرجان، أبقى على ستة أفلام تنظر لجنة التحكيم في منح عناصرها الفنية جوائز المسابقة.

بخلاف السنوات الأخيرة واجه المهرجان هذا العام مشكلة، فبما أنه يعلي من القيم الأخلاقية والإنسانية من دون تعارض بالطبع مع القيمة الفنية، فإن حصاد عروض السينما في الـ2009 احتوى على بعض الأفلام المهمة والمميزة فنياًَ، لكن لم تكن وفق معايير المهرجان الأخلاقية الإنسانية، فوقع في مأزق!

لعل أكثر فيلم مصري اتفق عليه النقاد والمتذوّقون، ومنحه الجمهور رضاه في هذا الموسم، هو «واحد - صفر»، إخراج كاملة أبو ذكري، وأحد أكثر أفلام الموسم إثارة لجدل صحي ومناقشات حيوية كان «بالألوان الطبيعية»، إخراج أسامة فوزي، أضف الى ذلك «دكان شحاتة»، إخراج خالد يوسف، الذي يناقش قضايا فكرية وثقافية وسياسية مهمة، و«احكي يا شهرزاد» للمخرج يسري نصر الله، الذي حاول أن يخوض في أبعاد قضية المرأة التي تطرح نفسها على المجتمع بقوة اليوم. لكن للأسف استبعد المهرجان في دورته الراهنة تلك الأفلام كافة، فماذا يبقى إذن؟

بقيت ستة أفلام، أدخلها المهرجان في مسابقته واقتصر عليها تحكيمه، أهمّها الفيلم المميز «الفرح»، إخراج سامح عبد العزيز، وقد يليه الفيلم الرومنسي النفسي «ميكانو»، إخراج محمود كامل، أما «ولاد العم»، إخراج شريف عرفة، فيتجه إلى معالجة ذات ملمح تجاري وصيغة تشويق و{أكشن» تحوم حول الصراع العربي – الإسرائيلي، ثم «يوم ما اتقابلنا»، إخراج إسماعيل مراد، الذي لم يلقَ قبولاً عند عرضه في مهرجان القاهرة قبل الأخير، بسبب رتابته وتفكّكه الدرامي.

يبقى فيلمان كوميديان الأول «ألف مبروك»، إخراج أحمد نادر جلال، للنجم البارز أحمد حلمي وهو عمل سينمائي فيه اجتهاد لكنه جاء على درجة من التشويش ولم يكن خطوة تضيف من حيث النضج الفني، والثاني «طير انت»، إخراج أحمد الجندي، لنجم الكوميديا الجديد أحمد مكي، وهو أحد أفلام التسلية البحتة والترفيه من دون بعد أو مضمون فكري.

هكذا وجد المهرجان نفسه محاصراً هذا العام، ونتوقع أن ما سينقذه في هذه الدورة ونتائجها إلى حد ّما هو «الفرح»، تجربة فريق العمل ذاته الثانية (مخرجه وكاتبه أحمد عبد الله ومعظم ممثليه)، بعد فيلم «كباريه» الذي عُرض في الموسم السابق، ولعل نجاحهما هو الذي يغري الفريق للإعداد راهناً لتجربة ثالثة بعنوان «الليلة الكبيرة».

وليس فريق العمل فحسب ما يجمع بين هذه التجارب، إنما صيغة الخطوط الدرامية وتنوّعها وتقاطعها وتعدّد الأبطال والشخصيات في إطار أو بوتقة يوم واحد، تكشف ساعاته القليلة طبيعة أزماتهم وما يملك كلّ منهم من صفات ومكوّنات ومعدن إنساني، لكن لعلّ الأهم لدينا هي الروح المصرية الخاصة بل والخالصة التي تتمتع بها التجربة، فهذا «النفس المصري»، إذا جاز التعبير، هو أهم ما يتّسم به «الفرح» وقبله «كباريه».