الفوارق بين اليمن وألمانيا لا تعد ولا تحصى، ولكن أهمها على الإطلاق هو ذلك الفارق الشاسع بين اقتصادين أحدهما يعتلي سقف الاقتصاد العالمي والآخر مثقل بالديون ويعتمد على المساعدات الخارجية، وقد فعل الاقتصاد فعلته في التجربتين الوحدويتين.
شاءت المفارقة أن تفصل بين وحدة الألمانيتين ووحدة اليمنين فترة زمنية وجيزة، وقد كانت النشوة اليمنية والعربية بالوحدة الاندماجية بين شطري اليمن أكبر من النشوة الألمانية إلى درجة ظهور أصوات يمنية تبدي استعداد اليمن لإرسال خبراء في الوحدة إلى ألمانيا، ولكن الألمان الذين كانوا يخططون طوال سنوات الانفصال لجدول أعمالهم الافتراضي حين تأتي استحقاقات الوحدة لم يكونوا بحاجة إلى الخبرات اليمنية.الفوارق بين اليمن وألمانيا لا تعد ولا تحصى، ولكن أهمها على الإطلاق هو ذلك الفارق الشاسع بين اقتصادين أحدهما يعتلي سقف الاقتصاد العالمي والآخر مثقل بالديون ويعتمد على المساعدات الخارجية، وقد فعل الاقتصاد فعلته في التجربتين الوحدويتين حيث أصبح الحديث عن ألمانيا غربية وألمانيا شرقية أشبه ما يكون بعملية استعادة حلم قديم، أما في اليمن فقد انقسم الشمال إلى شمالين ويكاد الجنوب أن يتشظى هو الآخر إلى جنوبين، وأصبحت عملية الحفاظ على الوحدة مسألة شاقة لا يمكن تحقيقها إلا بالحديد والنار.لقد تعامل إخواننا في اليمن مع شعارات بينما تعامل الألمان مع أرقام، والأرقام لا تكذب بينما الشعارات لا تطيق مواجهة الحقيقة، كان اليمنيون يتأملون عملية اندماج أهالي الجنوب بأهالي الشمال على إيقاع الأغنية الشهيرة: «أصلنا أصل العروبة والهدف والدين واحد»! بينما كان الألمان يراقبون عملية اندماج أهالي الشطرين الشرقي والغربي، وهم مشغولون بكيفية توفير فرص العمل والبحث عن أسرع الطرق لردم الهوة الكبيرة بين مؤسسات الشطرين.ومثلما كانت الوحدة شعاراً براقاً في اليمن كانت الديمقراطية أيضا شعاراً تتسلى به القبائل في الجبال المنسية، بينما بقيت الديمقراطية في ألمانيا أساسا لإذابة الفوارق الاجتماعية والاقتصادية بين الناس، وفي الوقت الذي تحولت فيه الأسلحة الآلية إلى جزء من المتعلقات الشخصية التي يحملها يمنيان يعبران الشارع ويتناقشان حول مصير التنمية الغائبة، أصبح فضاء الإنترنت هو العنوان الأبرز الذي يمكن أن يلتقي فيه ألمانيان يتناقشان حول حقوق الإنسان.الاقتصاد هو أساس أي تجربة وحدوية وليس كتاب الأنساب، والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص هي الضمانة الأساسية لترسيخ حالة الاندماج وليس مجلس القبائل الكبير، لذلك تعتبر المستشارة الألمانية ميركل أن: «الوحدة الألمانية لم تكتمل بعد»، لاسيما على الصعيد الاقتصادي، وقالت: «علينا أن نعالج هذا الأمر إذا أردنا الوصول إلى مستويات معيشية متساوية»، بينما يعتبر أشقاؤنا في اليمن أن الوحدة مسألة محسومة، وأي خلل فيها يعالجه العسكريون وليس رجال الاقتصاد.واليوم أصبح انهيار جدار برلين رمزاً يذكِّر الألمان بالانتصار على حالة الانفصال بينما غرق اليمنيون في بحر الأطروحات الانفصالية حتى أصبحت الوحدة مجرد جدار رمزي يوشك أن ينهار!
مقالات
اليمن والمانيا : بين وحدتين!
15-11-2009