عون في الجبل: نتائج دون حجم طموحات «التيار الوطني الحر»
صورة «ممثل المسيحيين» تراجعت أمام حرص جنبلاط على البطريرك
لم تأت زيارة رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون للجبل بما كان يأمل منها التيار الوطني الحر من نتائج سياسية وإعلامية.وتعتبر النتائج "المتواضعة" للزيارة نتيجة لتجمع عوامل عدة صبّت في خانة عدم تمكن عون وأنصاره من توظيف الزيارة في معركته السياسية الهادفة إلى تعزيز حضوره المسيحي، وبالتالي تدعيم موقعه السياسي على الساحة اللبنانية عموماً.
فعلى الصعيد الدرزي، يبدو أن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط أراد من خلال برنامج الاستقبال الذي أعده لعون، والذي تميز بغياب الحشد الشعبي، توجيه رسالتين:الأولى إلى البطريرك الماروني نصرالله صفير بأن زيارة عون للجبل لا يمكن أن تكون في مصاف زيارة صفير قبل نحو تسع سنوات، وبالتالي فإن استقبال عون لا يمكن أن يكون بديلاً عن استقبال البطريرك، وخلفيات زيارة عون السياسية تختلف تماماً عن الخلفيات الوطنية لزيارة صفير للجبل. الثانية إلى مسيحيي قوى "14 آذار" بأن العلاقة المستجدة مع النائب ميشال عون ليست على حساب العلاقة مع الأحزاب والقوى السياسية المسيحية الأخرى. صحيح أن العلاقة بين جنبلاط ومسيحيي "14 آذار" لم تعد كما كانت عليه في السنوات الخمس الماضية، ولكن العلاقة مع العماد عون لم تصل على الأقل في الوقت الحاضر إلى المستوى الذي كانت عليه بين جنبلاط والأحزاب والشخصيات المسيحية قبل خروج جنبلاط من "14 آذار".ويتوقف المراقبون عند غياب ثلاثة من نواب اللقاء الديمقراطي المسيحيين عن استقبال عون في المختارة هم: فؤاد السعد وهنري حلو وأنطوان سعد، ليشيروا إلى أن جنبلاط لم يتعاط مع الزيارة من زاوية "المصلحة الحيوية"، معتبرين أن مقارنة بسيطة بين موقفه من حضور النواب المسيحيين من حلفائه لقاء البريستول الأخير لقوى "14 آذار"، وحضورهم لقاء المختارة دليل على أن جنبلاط لم يكن حاسماً في موقفه، وإلا لكانوا نزلوا على رغبته في المشاركة في استقبال عون خلافاً لقناعاتهم، كما نزلوا على رغبته في عدم المشاركة في لقاء البريستول خلافاً لقناعاتهم.ومن بين الأمور التي ساهمت في "تحجيم" نتائج زيارة عون للجبل، نجاح رئيس حزب الوطنيين الأحرار دوري شمعون في التأثير في برنامج الزيارة، من خلال قيام أنصاره بمنع النائب عون من وضع إكليل من الزهور على ضريح الرئيس السابق للحزب داني شمعون وعائلته، والرئيس الأسبق للجمهورية كميل شمعون في دير القمر، التي تعتبر "عاصمة" الجبل ومسيحييه خصوصاً.ويعتبر المراقبون أن مجمل هذه المعطيات صبّ في غير خانة "الصورة" التي كان النائب عون يرغب في إسباغها على الزيارة. ذلك أن تركيزه منذ عام 2005 كان يقوم على تقديم نفسه ممثلاً للمسيحيين في لبنان، وصولاً إلى ممثلهم على مستوى الشرق. وهو كان يسعى من خلال كل خطواته، ومن بينها العلاقة مع حزب الله ومن ثم مع سورية إلى تقديم نفسه على هذا الأساس، غير أن علاقته المستجدة مع جنبلاط ظهرت بغير الصورة التي يريدها عون لنفسه. فلا البطريركية تمثلت بصورة مباشرة في الزيارة، ولا نواب الجبل المسيحيون حضروا، ولا الأحزاب المسيحية شاركت في الاستقبال، ولا الحشود الشعبية المسيحية ظهرت في صور الجولة، ولا الصورة الدرزية الجامعة ظهرت في الجولة في غياب المحطة الأرسلانية التقليدية والوهابية المستجدة، مما أفقد الزيارة طابعها المسيحي الشامل، وأفقد الاستقبال طابعه الدرزي الشامل، وجعلها زيارة رئيس حزب من الأحزاب المسيحية لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في المختارة بعيداً عن أي إنجازات سياسية كبرى، كان عون يطمح إلى تحقيقها خصوصاً في ملف المصالحات وعودة المهجرين، الذي يتّهم عون خصومه المسيحيين بالتقصير في معالجته.