ضيفُ منتدى دبي
تميز منتدى الإعلام العربي، في دبي، هذا العام بمشاركة العالم العربي المصري أحمد زويل، وكانت له محاضرة آسرة في اليوم الأول، تحدث فيها عن واقع العرب بأفق إعلامي جميل، إذ أظهر أنه، رغم انشغالاته في البحوث العلمية الراقية، متابع لكل وسائل الإعلام العربية، حتى أنه كان يخاطب بعض المشاركين بأسمائهم، ويعلّق على أدق تفاصيل برامجهم في أكثر من فضائية.جاء في "الكرّاس" الذي وزعته إدارة المنتدى، التي تستحق الشكر والإشادة، عن الدكتور زويل أنه مُنح عشرات الجوائز العلمية المرموقة، أبرزها جائزة نوبل منفرداً للكيمياء في عام 1999، لإنجازاته الرائدة في "علم الفيمتو"، إذ جعل من الممكن لأول مرة في التاريخ أن حركة الجزيئات عند نشوئها والتحام بعضها ببعض والوحدة الزمنية التي تلتقط فيها الصورة هي "فيمتوثانية"، جزء من المليون من المليار جزء من الثانية، وقام مؤخراً مع فريق العمل الذي يعمل معه بابتكار الميكروسكوب الإلكتروني رباعي الأبعاد، الذي يجعل من الممكن الرؤية المباشرة لسلوك المواد من الذرة إلى الخلية الحيوية بشكل رباعي الأبعاد من حيث الزمان والمكان.
وبالطبع فإن هذا الكلام بالنسبة إلينا هو مجموعة من الطلاسم العصية على الإدراك والإحاطة والفهم، لكن ما سمعناه هو أن هذا العالم العربي المتواضع هو أول عالم يدخل إلى الخلية البشرية، وأنه يتابع عن قرب بل ويشارك في آخر إنجازات عِلْم الخلايا الجذعية التي حقق العلماء اليابانيون في مجالها تقدماً هائلاً، إذ سيُصبح بعد فترة قليلة بإمكان المقتدر أن يكون له قلب احتياطي يحل محل قلبه المُتعب، وهذا سيشكل تطوراً "دراماتيكياً" في الحياة الإنسانية.في محاضرته القيمة، التي استمع إليها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بإصغاء النُّساك، تطرق الدكتور زويل إلى مشكلات الواقع العربي الراهن، وأخذ على العرب بدون أن ينتقص ماضيهم وحاضرهم، كما يفعل غيره من الذين أصيبوا بعقدة النقص بعد ذوبانهم في الحضارة الغربية، إلى ما تحتاج إليه الأمة العربية في هذه المرحلة من المسيرة الحضارية العالمية، وقد تحدث بإسهاب عن كيفية بناء مجتمعات علمية قادرة على إطلاق واستيعاب طاقات وطموحات العربي وتوطين التقنية وتعميق التنمية الشاملة.وتطرق الدكتور زويل في محاضرته، التي واجه الحضور بعض وصلاتها بالتصفيق الحاد وفي بعض المرات بالوقوف، إلى دور الإعلام في إنهاض الواقع العربي من الناحية العلمية، وأخذ على العرب أنهم الآن مجرد متلقين للابتكارات الغربية في مختلف الميادين، وحقيقة إن ما ينقصنا الآن ونحن نتخذ موقع المراقبين لكل هذه التطورات الهائلة في مختلف المجالات العلمية والحضارية، هو أن نخصص جزءاً من أموالنا للبحوث العلمية، ولتطوير جامعاتنا ولِنُحل العقل مكان النَّقل، ولنأخذ العِبَر والدروس في هذا المجال مما حدث في أوروبا عشية الثورة الصناعية الهائلة، إذ جرى وضع حدٍّ لاستبداد الكنيسة بالمجتمعات الغربية.