وحده يواجه الطوفان، طوفان النخب التي أقسمت مجتمعة على ألا يكون أحمدي نجاد هو الرئيس المقبل لإيران وشعارهم جميعا منع أحمدي نجاد من الفوز بولاية ثانية أيا كان الثمن! لكنه بالمقابل وحده المطمئن والراسخ العزم في المضي في الترشيح متحديا كل القامات التاريخية التي أسست للجمهورية الإسلامية الإيرانية الفتية! رفسنجاني، خاتمي، كروبي، ميرحسين موسوي، لا ريجاني، محتشمي، ناطق نوري، محسن رضائي، مهاجراني، كرباستشي إضافة إلى عشرات الأسماء الكبيرة الأخرى والمتوسطة والصغيرة من النخب الإصلاحية والمحافظة، إن لم تكن ضده فهي ليست معه بالتأكيد وهو يعرف ذلك، ومع ذلك تراه مصمما على منازلتها مجتمعة معتقدا بقدرته على هزيمتها في صناديق الاقتراع بقوة الحظوة الجماهيرية والتفاف الناس من حوله لأنه من جنسهم وليس من جنس أولئك المذكورين أعلاه كما هو شعاره من جديد! في ترشيحه للولاية الأولى اجتمعوا عليه ولم يكترث فبزهم جميعا ولكن على مرحلتين، وهم اليوم أكثر إصرارا وتنظيما وعزما على طريق إسقاطه في الوقت الذي هو أكثر اطمئنانا إلى فوزه ولكن هذه المرة في مرحلة واحدة كما يقول أنصاره! في حروبهم الانتخابية المتناغمة ضده، التي يخوضونهاعلى صفحات عشرات المواقع الإلكترونية وعدد من الصحف المحلية لم يبقوا شيئا سيئا عنه إلا قالوه: دكتاتور، مستبد، لا يفقه في السياسة، مفرط بالمصالح القومية العليا، متطرف، خارج سياق التراكم الوطني، يغرد خارج السرب، مناهض للعقل الجمعي الإيراني، أفقد إيران مكانتها الدولية اللائقة، دمر الاقتصاد الوطني، أعاد إيران عقودا إلى الوراء، أوقف حركة الأمة الثقافية، صار يشكل خطرا على مستقبل إيران، محارب فض لا يفقه بقواعد الحرب والسلام، أولويته حركات التحرر الإقليمية والعالمية على حساب المصلحة الوطنية المحلية، يعيش في عالم ميتافيزيقي محوره المهدوية المتخيلة وليست المهدوية الحقيقية، وباختصار شديد قد يصلح لأي شيء آخر إلا لرئاسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية!

Ad

ومع ذلك كله تراه لم يأبه ولم يتزحزح قيد أنملة وكأن ما يجري من حوله إنما يجري في كوكب آخر، وإن كانوا هم من يتهمونه بأنه يعيش في كوكب آخر! وكأنه يعيش في زمن غير زمنهم وتاريخ غير تاريخهم، ويرجو من الله غير ما يرجونه، وبما أنه لا يملك شيئا قد يخسره فيما لو خسر الرهان الانتخابي، تراه يعمل بخريطة للطريق مختلفة عنهم جميعا يعتقد أنها تمهد لظهور المهدي المنتظر لدى الشيعة الاثني عشرية، فيما هم مصرون على أنه ذاهب بإيران إلى طريق مسدود! جسور في مطالعاته ومناظراته ومرافعاته إلى حد حافة التهور والهاوية، مع الأعداء كما مع الخصوم كما مع الأصدقاء والزملاء! يصل النهار بالليل والليل بالنهار في عمله ما يجهد كل من يعمل معه فيما هو لا يظهر عليه التعب، ولا يرف له جفن في أحلك الظروف الداخلية أو الخارجية، بل إنه يعشق «الغزوات» كلما تكثفت التحديات واشتدت عليه الهجمات! ثلاثة من كوادر المحاربين القدامى فيهم من تسعفه العمة والطهر لتضعه في صورة التلميذ المخلص للمؤسس الإمام، وفيهم من تسعفه السنوات الثماني العجاف التي أبلى فيها خير البلاء من أجل خلاص إيران من الضيق ليوصلها إلى عصر البناء، وفيهم من تسعفه أيام الجهاد والدفاع المقدس والتي خاضها وروحه على كفه من أجل تحقيق الانتصارات تلو الانتصارات لأمة ملؤها العطاء، يصطفون اليوم بكل عزم راسخ لمنع إعادة انتخاب من يظنونه الداخل خطأ على مطبخ صناعة القرار! قد يكون أي واحد منهم هو الأحق والأصلح لإدارة دفة القرار اليوم في إيران، لاسيما أن الجموع الغفيرة من أنصارهم هم من صفوة الناس ومن قدامى المحاربين الشيوخ منهم والشباب. لكنه وحده من يعتقد أنه القادر على هزيمتهم مجتمعين أيا كانت خلفياتهم لاعتقاده أن الأصلح لإيران اليوم هو أن يكون رئيسهم رجلا لا يعيش زمن الآباء والأجداد المشبعين بالرفاه، بل رجل الحاضر وبتحديد أكثر «رجل من جنس الفقراء من الناس» كما هو شعاره الانتخابي، أي رجل ينتمي إلى صنف غير صنف النخبة العلياء! إنه يحلم بتسونامي يطيح بكل تلك الطبقة التقليدية التي تناوبت على إدارة شؤون البلاد والعباد خلال العقود الثلاثة الماضية وإحداث ثورة جديدة أو جمهورية ثالثة ليست من جنس الإصلاحيين ولا المحافظين! لا أحد يعرف تماما من ستخرج صناديق الاقتراع الإيرانية وهي التي عودتنا على المفاجآت والتهديف في الدقيقة تسعين؟! لكنه الاختبار الثاني لهذا الرجل الاستثنائي، فاز بالامتحان أو خسر الرهان، فإن تجربته تستحق التأمل والدراسة والاستحسان من قبل جمهور الجياع الذي بات يفترش الشوارع متنقلا من ساحة إلى ساحة لمواجهة ما هو أشبه بمحاولة تكرار الثورات الملونة كما يتهم أنصار نجاد مخالفيهم من أنصار المرشحين الثلاثة الآخرين!

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء