الشرطة النسائية... والمعنيون بالنصح
أعتب على من نادى وطالب بالضوابط الشرعية لبناتنا الشرطيات وإثارته للتحرشات التي لاقينها- إن صحت- من قبل معتوهين في الأسواق وما أكثرهم، فقد كان الواجب أن يتوجه الدعاة والمصلحون بنصحهم وكلامهم وإرشاداتهم للتصرفات الطائشة من مرتادي الأسواق وليس للشرطيات.
أول العمود: ليست بدعة أن يتخذ نفر من الأكراد الحمار شعارا لحزبهم الجديد الذي أعلن عنه منذ أيام، لكن التحدي في أن يقدم هذا الحزب للعراقيين 10% مما قدمه الحزب الديمقراطي للشعب الأميركي صاحب السبق في اتخاذ الحمار شعارا له.
*** الحديث الدائر حول امتعاض البعض من وجود الشرطة النسائية في المجمعات التجارية حديث لا صلة له بواقع أو بدين، كما يريد هؤلاء أن يصوروا للعامة، وهو أمر تختص به وزارة الداخلية منفردة وضمن قوانينها المنظمة لأعمالها، ففي أغلب الدول الغربية والإسلامية تم اعتماد نظام الشرطة النسائية منذ عقود طويلة، هذا من ناحية الواقع، وأما الجانب الديني فهو يقحم عنوة ومن دون دليل، فمهنة الشرطة النسائية وظيفة تشابه أي مهن أخرى قد ينظر إليها على أنها شاقة كالتطبيب والتدريس والرعاية الاجتماعية، فكل هذه المهن اقتحمها النساء باقتدار وتعامل معها معشر الذكور على أنها شيء معتاد ومألوف بسبب التطور الاجتماعي.أعتب على من نادى وطالب بالضوابط الشرعية لبناتنا الشرطيات وإثارته للتحرشات التي لاقينها- إن صحت- من قبل معتوهين في الأسواق وما أكثرهم، فقد كان الواجب أن يتوجه الدعاة والمصلحون بنصحهم وكلامهم وإرشاداتهم للتصرفات الطائشة من مرتادي الأسواق وليس للشرطيات. كثيرة هي الجمعيات الاجتماعية والدينية في الكويت التي امتهنت جمع المال وتركت الإصلاح والإرشاد الاجتماعي كما قال، ونصح أمين عام رابطة العالم الإسلامي الشيخ الفاضل د. عبدالله التركي القائمين على الجمعيات الدينية في زيارة له للكويت في نوفمبر 2009، وحتى أسلوب الغمز واللمز الذي مارسته بعض الصحف بالقول إن الشرطيات بحاجة إلى شرطة لحمايتهن يعد استهزاء ممجوج، فالشرطية– كالشرطي– محمية بالقانون كموظفة دولة، ولها الحق في مخالفة أي فعل يجرمه القانون سواء في الأسواق أو في الشارع العام، وبالتالي ليس هناك ما يستدعي إظهار الخوف المصطنع على الشرطيات تحديدا، فهن خريجات تدربن على تمارين نسيها "الرجال" منذ وقف العمل بالتجنيد الإلزامي، وهن نساء من جنس اللائي ركبن البحر على ظهر أسطول الحرية، حيث صمت وقتها "حديث الضوابط"!الهجوم على الشرطة النسائية يهدف إلى إفشال تجربة أخرى للمرأة الكويتية بعد تتويج انتصارتها بالدخول إلى البرلمان، وكنت ممن توقع أن يثير حديث المستشار فيصل المرشد نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء حفيظة رجال الدين والإفتاء والمختصين بالعلوم الاجتماعية والنفسية، وكل المهتمين بالشأن التربوي حول ارتفاع معدل الجرائم بنسبة 68% لعام 2009 عن عام 2008 (القبس 19 – 7 – 2010)، لكون النسبة مؤشرا على فشل اجتماعي يدفع ثمنه المعلم والطبيب والشرطي والناس الآخرون بالإهانة والتعدي عليهم بالضرب... بل إن أزمتنا الاجتماعية هذه طالت وزراء وأعضاء ووصلوا إلى المخافر للشكوى على بعضهم بعضا!لنترك الشرطة النسائية تعمل في المجتمع ولنقدم لها الدعم المعنوي، ولنهتم بتربية أبنائنا على احترام الغير، خصوصا إن كان ممن وظفته الدولة لتقديم خدمات لنا، ويكفي إقحام الدين في كل شاردة وواردة، فالناس ملت هذه الأسطوانات التي كانت عنوانا وهميا إبان دخول المرأة الحياة السياسية، فالشرطيات والنائبات والموظفات والطبيبات والممرضات أخواتنا وبناتنا في نهاية الأمر.