زمن عبدالله السالم تطور اعرج
![أ.د. غانم النجار](https://www.aljarida.com/uploads/authors/30_1682522974.jpg)
ومهما حاول البعض التقليل من الأثر الإقليمي والخارجي، فإننا نجده يفرض نفسه بالضرورة على مجريات الأحداث، وفي بعض الأحيان يصوغها صوغاً. وكانت الأمور تصبح أكثر فعالية من خلال القوى السياسية الناشئة في الكويت، وأغلبها من الشباب الكويتيين الذين تلقوا تعليمهم في الخارج وتحديداً في مصر ولبنان، فقد أفرز التعليم قيادات سياسية جديدة، ربما تكون قد تجاوزت القيادات التقليدية من الفئات التجارية الإصلاحية. من جانب آخر، كانت بريطانيا تسعى بكل ما تستطيع من قوة ونفوذ إلى الإبقاء على مصالحها بالطريقة التقليدية، إلا أن نصيبها كان الفشل في الكثير من المواقع. ويبدو أن شخصية عبدالله السالم المرنة والذكية في ذات الوقت قد ساهمت بصور مختلفة في إضعاف نفوذها، وقد اتضح ذلك الفشل مبكراً حين لم تنجح بريطانيا في إرغامه على تعيين خبراء إنكليز أو إرغامه على تعيين ولي للعهد، كذلك لا يمكن أن نتجاهل المعارك الدبلوماسية التي دارت بينه وبينها بشأن مكتب الاستثمار في لندن، أو تعيين المستشارين، أو إنشاء البنك الوطني، أو عوائد النفط، أو الشركات الخمس وغيرها التي سنعطيها قدرها من التفصيل لاحقاً، وهي لم تكن إلا دلائل قاطعة على انحسار الدور البريطاني وتراجعه، وهو انحسار كان بمنزلة رفع الراية البيضاء للخروج من حلبة قيادة العالم والانضمام إلى منظومة الأقمار الصناعية الدائرة في فلك القطب الأكبر الجديد وهو الولايات المتحدة.في خضم هذه التحولات التي كانت تعصف بالعالم، كانت بداية زمن عبدالله السالم، وربما كان ذلك من محاسن الصدف، فكما أسلفنا، كان عبدالله السالم مرشحاً للحكم سنة 1921 لكنه بقي في الظل قرابة الـ29 عاماً، ولربما جاء في الوقت المناسب الذي كان في حاجة إلى شخصية بمواصفاته. إلا أن الملاحظة المزعجة هي أنه على الرغم من كل المعطيات المذكورة، فإن التطور الذي مرت به الكويت منذ بدء حكمه عام 1950 حتى 1961 كان تطوراً أعرج، إذ عانت تلك الفترة حتى صدور الدستور ضعفاً شديداً في الجانب السياسي، وفي المقابل شهد الجانب التنموي تطوراً ملحوظاً، وسنسعى بإذن الله إلى تفسير ذلك وتبيان جوانب القوة والضعف فيه، فالكثير مما نعانيه هذه الأيام مرتبط بشكل كبير بالأسس التي تم زرعها آنذاك، فهي محاولة للفهم.