فريد هاليداي


نشر في 28-04-2010
آخر تحديث 28-04-2010 | 00:00
 أ.د. غانم النجار التقيته قبل عدة شهور في البلد الذي أَحبَّ، برشلونة.

كنت قد أنهيت مؤتمراً علمياً في مدريد، العاصمة الإسبانية، هاتفته وأبلغته رغبتي في أن نلتقي، رحب والتقينا هناك بعد انقطاع لسنوات، لم أكن أعلم أن ذلك كان لقاءً وداعياً.

الحديث معه لا يمل، حيوية، وقدرة على التحليل لا تبارى ولا يجاريه فيها أحد، ودائماً لديه جديد.

فريد هاليداي الباحث والكاتب والناشط ترك أثراً على الحياة السياسية والأكاديمية تتجاوز سنوات عمره الأربع والستين، فكتبه التي تجاوزت الـ20 كتاباً ونشاطه الإعلامي والأكاديمي المكثف منذ السبعينيات لا يمكن تجاوزها.

أحب الشرق الأوسط وانغمس في همومه، وعايش تطوره منذ كتابه الأول «الجزيرة العربية بلا سلاطين» سنة 1974 حتى لحظات حياته الأخيرة. في لقائنا الأخير أسر لي ضاحكاً «يبدو أنه لا يوجد أمل في الشرق الأوسط، فلذلك بدأت في السنوات الأخيرة بدراسة أميركا اللاتينية، فالأمور هناك تبدو أكثر متعة وفيها أمل» والكلمة الأخيرة قالها بالعربية. كانت علاقته باللغات عجيبة حيث أجاد العديد من اللغات كالعربية والفارسية والإسبانية والكاثالونية والبرتغالية والإيطالية والألمانية والروسية وربما غيرها.

في زيارته الأخيرة للكويت سنة 2002 استضفته في محاضرة عامة، وطلبت منه أن يلقيها بالعربية، تردد بعض الشيء، ولكنه ألقاها دون إشكال يذكر.

ولد في أيرلندا سنة 1946، وتخرج من جامعة أكسفورد سنة 1967، ولم يدخل الحياة الأكاديمية إلا في 1983 عندما تم تعيينه كمحاضر، واللافت انه حصل على الدكتوراه من نفس الجامعة «كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية» (LSE) في سنة 1985 وكان موضوعه عن اليمن الديمقراطي.

في سنة 1995 أصدر كتابه الشهير «الإسلام ووهم التصادم» مفنداً فيه نظرية صدام الحضارات ومصححاً الكثير من المفاهيم، وبعد 11 سبتمبر أصدر كتابه الأشهر والأكثر مبيعاً «ساعتان هزتا العالم». ربما كان أبرز كتبه كتابه الشهير «إيران: الدكتاتورية والتطور» الذي توقع الثورة الإيرانية.

خلال فترة الغزو العراقي للكويت عام 1990، كان فاعلاً متحركاً ناشطاً، وسعى في لندن وغيرها إلى دعم الحق الكويتي بأشكال مختلفة لم يكن أقلها الكتابة، يقول لي: «للأسف خسرت العديد من الأصدقاء بسبب موقفي ذاك، لم يفهموا أنني سأقف ضد الطغيان أياً كان». كان مناصراً بلا حدود لحرية التعبير وللتحولات الديمقراطية في أي مكان من ذلك العالم الفسيح، فقد كان قلبه ووجدانه عالماً فسيحاً يتسع للجميع.

غادر LES ليستقر في برشلونة كباحث ومحاضر بمعهد برشلونة للدراسات الدولية، وليثبت لي بداية تحوله إلى أميركا اللاتينية أبلغني أن كتاباً جديداً سيصدر له قريباً عن جمهورية الدومينكان.

وهكذا غادرنا الصديق فريد هاليداي فجأة، عزاؤنا أنه مات بدون ألم، وأنه لم يتوقف عن العمل حتى في لحظات مرضه، وأثرانا وعلمنا الكثير، فارقد بسلام يا صاحبي. 

back to top