التقطنا أنفاسنا الأسبوع الجاري وصعدنا إلى السطح الإقليمي، بعد أن غصنا طويلاً بالشأن المحلي، حيث تمكنّا من الحضور على المشهد الدولي عبر حدثين، الأول وصول السفير العراقي الجديد إلى الكويت منذ 1990، والثاني بمشاركة متطوعين كويتيين ضمن قافلة الحرية التي اعتدت عليها القوات البحرية الإسرائيلية الاثنين الماضي.

Ad

وبدا واضحاً أن الكويت غير مهيأة للتعاطي مع الشأن الإقليمي، ومرد ذلك انغماسنا المفرط بالمحلية، حيث لمسنا الارتباك الرسمي والشعبي تجاه وصول السفير العراقي الجديد في وقت تشهد العلاقات الكويتية- العراقية أزمة جديدة على خلفية قرار بغداد تصفية الخطوط الجوية العراقية تفادياً لدفع التعويضات المقررة عليها لمصلحة الخطوط الجوية الكويتية، بينما كانت المواقف أكثر وضوحا تجاه الاستجواب المقدم بحق سمو رئيس مجلس الوزراء الأحد الماضي.

وعلى الطرف الآخر، كانت المواقف النيابية عملية أكثر من موقف الحكومة في حادثة اعتداء إسرائيل الوحشية على «قافلة الحرية» التي أقلت متطوعين كويتيين، بل أخذ النواب المبادرة ودعوا إلى جلسة خاصة، بينما لم يجد مجلس الوزراء سوى تشكيل لجنة تنسيق ومتابعة، واستدعاء وزير الخارجية بالإنابة سفراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، للتعبير عن موقف البلاد الرافض، إضافة إلى تكليف مندوبينا في جنيف والأمم المتحدة متابعة التداعيات.

الإعلام الرسمي كان غائبا عن الحدث طوال نهار الاثنين الماضي، يوم الجريمة، ومثله القنوات المحلية والمواقع الإخبارية، ولم يشف غليل الكويتيين بمتابعة التطورات سوى قناتي «العربية» و»الجزيرة»، بشقيهما الفضائي والإلكتروني، مقابل نشاط محموم للخدمات الإخبارية للهواتف المتنقلة، ليبدأ التفاعل الإعلامي المحلي لاحقاً عبر وكالة الأنباء الكويتية وبعدها تلفزيون الكويت، الذي نقل معلومات عن مصادر غير رسمية في سابقة تحسب على أدائه.

ما يعنيني فيما جرى، أننا مرة تلو أخرى نلمس افتقارا للحرفية اللازمة عند التعاطي مع الملفات الإقليمية، كما نحس بغياب التنسيق بين الأجهزة المعنية وافتقارها للمعلومة، وعدم كفايتها بمواجهة الأزمات، ما يؤثر على المواقف المبدئية للقضايا وتطوراتها، ثم مواجهة تداعياتها وقراءة ما وراء الخبر، وهذا يؤكد الحاجة الماسة إلى إنشاء فريق مختص بالتعامل مع وسائل الإعلام والعلاقات العامة وإدارة الأزمات، تماما مثلما هو موجود في دول العالم.

في حالتينا، السفير العراقي أعلن عن موعد قدومه، وحتى الآن لا أحد يعلم الملفات التي سيتولى متابعتها، كما أن هناك 16 مواطنا تطوعوا لإيصال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة ضمن قافلة الحرية العالمية، إلا أننا لم نسمع عنهم أو نتفاعل معهم قبل الجريمة الإسرائيلية، لكننا في الشأن المحلي نعاني تخمة معلومات وتحليلات، ما يكشف هشاشة المجتمع تجاه المحيط وتقوقعه بالمحلية.

***

على الهامش:

يبهرني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ الدكتور محمد الصباح بنشاطه وحيويته الدبلوماسيين، فبينما كان سمو أمير البلاد على رأس وفد رسمي يزور دولا أوروبية، اجتمع مع مسؤولين في واشنطن لبحث ملفات الكويتيين المحتجزين في معتقل غوانتنامو، وخلال جولة سمو أمير البلاد العربية، كان في موسكو تحضيرا لزيارة سمو الأمير إلى روسيا، وحينما وصل السفير العراقي الجديد للبلاد وتعرضت «قافلة الحرية» للجريمة الإسرائيلية، كان على رأس طاولة مباحثات العلاقات الثنائية مع سنغافورة، فله التقدير على نشاطه المميز.