زمن عبدالله السالم تجمعات سلمية

نشر في 23-12-2009
آخر تحديث 23-12-2009 | 00:00
 أ.د. غانم النجار ربما كان التجمع الأشهر في تاريخ الكويت السياسي هو المهرجان الخطابي الذي تم إبان حقبة عبدالله السالم في أوائل سنة 1959، وكان قد تم لإحياء الذكرى الأولى للوحدة بين مصر وسورية، التي تمت بإعلان الجمهورية العربية المتحدة برئاسة الرئيس جمال عبدالناصر. شارك في ذلك المهرجان المصري الأشهر حينئذٍ أحمد سعيد مذيع إذاعة صوت العرب. ومع أن المهرجان كان قد مضى بمباركة ودعم الحكومة والشيوخ، فإن ردود الفعل الحكومية على ما جرى فيه كانت غير معتادة في قسوتها وقمعيتها، إذ جرى اعتقال العديد من المشاركين في المهرجان، كما تم إغلاق الصحف كافة وكذلك الأندية الرياضية وغيرها. عادت الأمور إلى توازنها مع بداية التوجه نحو الاستقلال ومن ثم الدستور.

في 25 يناير 1967 أقدمت السلطة على تزوير الانتخابات البرلمانية تزويراً مباشراً ما أدى إلى استقالة ثمانية نواب فائزين وتضامن العشرات من المرشحين في التنديد بتلك الفعلة، وحول ذلك تجمع عدد كبير من قائمة "نواب الشعب" ومؤيديهم لإعلان احتجاجهم واستنكارهم، إلا أن التردد والارتباك اللذين أصابا قيادة ذلك التجمع لم يجعلا منه فعلاً سياسياً ذا تأثير على مجريات الأحداث.

وفي ديسمبر 1989 انطلقت الحركة الدستورية أو ما يعرف باسم "ديوانيات الاثنين" لكي تصبح عبر الأشهر التالية أهم حركة احتجاج اجتماعية سياسية سلمية في مواجهة الانفراد بالسلطة، ومن خلال دراسة حركة المجتمع أعطت تلك الحركة نموذجاً إبداعياً في الحركات الاجتماعية سيظل في تصوره وآلياته الأكثر تعقيداً ضمن آليات الضغط السياسي في تاريخ الكويت الحديث.

أما في وقتنا الحاضر فقد برزت إلى العيان حركة متميزة شبابية سلمية تحت شعار "نبيها خمسة" فاجأت الجميع بقدرتها وتأثيرها وجعلت ساحةً عادية أمام مجلس الأمة محطةً أساسية أُطلق عليها ساحة الإرادة في ذات الوقت الذي ألقت فيه المحكمة الدستورية بقانون التجمعات غير الدستوري إلى سلة المهملات.

ولعلنا نشهد هذه الأيام بدايات لحركة اجتماعية سلمية جديدة، قد يكون عنوانها المستحق "الوحدة الوطنية"، وقد يكون رد فعلها الآني إساءات ساقطة، ولكنها ستدخل ضمن تلك الحركات ذات الأهداف العامة التي بالإمكان أن تتطور لكي تصبح أكثر تركيزاً وأن لا تأخذها الانفعالات التي قد تقود إلى تقييد حرية التعبير كمنطلق من خلال ضرب الفاسد من أدوات الإعلام.

الأهم من هذا وذلك، هو أن الحراك الشعبي، والحركة الاجتماعية السياسية قد تتحول إلى وعاء مرجعي عام يعزز المكاسب الدستورية، ولا يمارس من خلاله أي تمييز سواء كان فئوياً أو مناطقياً أو طائفياً أو غيره.

أما على مستوى المرحلة فإن هذا الحراك الشعبي قد أوصل رسالة إلى من يهمه الأمر في مواجهة أي سيناريو محتمل للانقضاض على الدستور، وهو سؤال لطالما حاول المستشارون طمسه والتقليل من شأنه، وطالما حاولنا أن ننبه له، ألا وهو كيف سيتحرك الشارع في مواجهة الذين قد يستهترون باستقرار الوطن ليدفعوا بتعديل الدستور من طرف واحد. اللهم احفظ هذا البلد آمناً مستقراً بدستوره وأميره وشعبه.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top