يسألونك عن الروح
طالعتنا الصحف الأجنبية يوم الخميس الماضي بخبر تصنيع أول خلية حية في المختبر على يد عالم الجينات غريغ فنتر، إذ قام فنتر وفريقه باستخدام الكمبيوتر لكتابة تركيبة جديدة من الترميز أو التشفير الجيني يصل إلى مليون حرف أو رمز، بحيث يحمل هذا الترميز خصائص معينه لميكروب أراد الفريق تصنيعه بذاته. وما إن تم حقن هذا الحمض النووي الجديد في غلاف خلية مفرغة حتى استحوذ عليها تماما، وبدأ بإصلاح روابطه وتكوين أحماض وبروتينات جديدة تحمل كل الصفات والخصائص التي أراد الفريق صنعها، وبدأت الخلية على الفور في إعادة تكوين نفسها بالانشطار والتكاثر الطبيعي كأي خلية حية أخرى.
ويسعى الفريق وراء هذا التطور المذهل في التكنولوجيا الجينية إلى تصنيع كائنات حية جديدة تساعد في حل مشاكل الكوكب كالوقود الصديق للبيئة مثل طحالب قادرة على امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الجو وتحويله إلى وقود فعال! هذا بالإضافة إلى إمكان علاجات مختلفة لأمراض الإنسان المستعصية كالسرطان والأيدز. وقد أثار هذا الخبر زوبعة في الغرب حول أخلاقيات البحث العلمي ومخاطر ومزايا هذا النوع من الأبحاث والتجارب، ماذا لو استخدم الإرهابيون هذه التكنولوجيا في حربهم البيولوجية؟ وماذا لو تسربت هذه الكائنات خارج المختبرات وتزاوجت وأخرى وكونت أنواعاً جديدة لا يمكن السيطرة عليها؟ وما الضوابط والتشريعات المطلوبة لتقنين مثل هذه الأبحاث؟ كما جعل الخبر الفلاسفة يعيدون النظر في مفهوم الحياة والخلق والروح، فكيف لمادة كيميائية مصنعة في المختبر أن تبعث الحياة في خلية مفرغة؟ هل الحمض النووي هو الروح؟ إن كان ذلك فكيف يموت الكائن وهو مازال يحمل في خلاياه نفس هذا الحمض؟ هل تشكل هذه التجربة «خلقاً» لكائن حي جديد؟ أم هي استمرار لتجارب الهندسة الجينية والاستنساخ؟ وكيف يستقيم هذا الاختراع ونظريات التكوين الدينية؟ وهل يتناقض و«كن فيكون»؟ أسئلة كثيرة متشعبة ومتداخلة بحاجة لبحث وحوار حر وموضوعي وعقلية متفتحة وعلمية ليكون لنا دور في الثورة الصناعية القادمة... ولكننا للأسف مشغولون والشيخ العبيكان بتقنين وتشريع وسائل إرضاع الكبير! أحد روابط الخبر: http://www.nytimes.com/2010/05/21/science/21cell.html كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة