الشباب والفراغ
من المؤسف أن هنالك غياباً أو على الأقل قصوراً فاضحاً في السياسات الحكومية المتعلقة بكيفية استثمار أوقات الفراغ التي يعانيها قطاع الشباب، فمن الملاحظ، على سبيل المثال، عدم وجود مراكز شبابية مجهزة وحديثة أو مكتبات عامة في المناطق السكنية خصوصا الجديدة، ناهيك عن عدم وجود أندية رياضية كافية أو أماكن ترفيهية مناسبة.يعتبر الإنسان هو الهدف الأساسي للتنمية كما أنه وسيلتها في الوقت نفسه، لذلك تركز الخطط الحقيقية للتنمية على العنصر البشري من ناحية تحسين معيشته وتوفير تعليم متميز له وتوعيته وتطوير قدراته وصقل مهاراته ضمن عملية تنموية مستمرة لا تتوقف. وتزداد أهمية تنمية الموارد البشرية في بلد كالكويت يعتمد اقتصاده على مورد وحيد للدخل هو النفط، إذ من المفترض أن تولي الدولة أهمية كبرى لقضية تطوير مهارات الموارد البشرية الوطنية كونها هي الثروة الوطنية الحقيقية الدائمة التي سيعتمد عليها في تنفيذ الخطط التنموية حتى بعد نضوب البترول أو تراجع قيمته السوقية.
وضمن هذا السياق تحتل قضية اهتمام الدولة بقطاع الشباب أهمية قصوى في تنمية الموارد البشرية وتطوير قدراتها وصقل مهاراتها لاسيما أن المجتمع الكويتي يعتبر مجتمعا شابا، إذ تمثل فئة الشباب النسبة الغالبة من السكان حسب الإحصاءات الرسمية المتوافرة (%69.3)، حيث إن نسبة الشباب من الفئة العمرية 15-29 عاماً قد بلغت %27.6 من مجموع الكويتيين، في حين كانت نسبة من هم تحت سن الرابعة عشرة (%41.7) من مجموع المواطنين. ويعتبر استثمار أوقات الفراغ التي يعانيها الشباب من الأمور المهمة في قضية تنمية الموارد البشرية، التي توليها الدول المتقدمة عادة أهمية كبرى، وتستثمرها الاستثمار الأمثل، وتوظفها في ما يعود بالمنفعة على الشباب أنفسهم وعلى المجتمع ككل من خلال الاستفادة من الطاقة الجبارة المتجددة المتوافرة لدى الشباب، وذلك لأن أوقات الفراغ تعتبر وقتا مهدورا مقتطعا ليس من وقت الشباب فحسب بل من وقت المجتمع ككل.لكن من المؤسف أن هنالك غياباً أو على الأقل قصوراً فاضحاً في السياسات الحكومية المتعلقة بكيفية استثمار أوقات الفراغ التي يعانيها قطاع الشباب، فمن الملاحظ، على سبيل المثال، عدم وجود مراكز شبابية مجهزة وحديثة أو مكتبات عامة في المناطق السكنية خصوصا الجديدة، ناهيك عن عدم وجود أندية رياضية كافية أو أماكن ترفيهية مناسبة، على أن الأمر يزداد صعوبة وتعقيدا إن كنا نتحدث عن الفتيات الشابات، فهن محرومات من كل شيء تقريبا لاستثمار أوقات فراغهن بشكل مفيد، لذلك فإن أغلبية الشباب لا يجدون الأماكن المناسبة لاستثمار أوقات فراغهم بالشكل المفيد، لذا نجدهم يتجولون زرافات ووحدانا في مجمعات التسوق التجارية لتمضية الوقت في أنشطة هامشية غير مفيدة بتاتا إن لم تكن مضرة لهم وللآخرين وللمجتمع ككل. فهل يا ترى سنسمع عن خطط حكومية جديدة غير تقليدية وسياسات عامة نوعية موجهة إلى فئات المجتمع كافة خصوصا قطاع الشباب؟ أم أن «خطة التنمية» التي يتحدثون عنها لا تعدو كونها أكثر من مشاريع إسمنتية ضخمة لن يستفيد منها إلا أصحاب الجيوب المنتفخة؟ كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة