الاتحاد... ق و ة
لماذا دائما تفشل الأنظمة العربية في تحقيق أي قدر من الوحدة فيما بينها؟ ولماذا تظل الدول العربية، رغم نماذج النجاح الكثيرة لاتحادات إقليمية في الشرق والغرب، النموذج الأمثل للفشل في تحقيق الاتحاد الحقيقي والوحدة الفعلية؟سبق أن كتبت حول اجتماعات اللجنة العليا المصرية الأردنية المشتركة وتحدثت عن اجتماعات اللجان العليا العربية المماثلة (مصرية- سودانية/ ليبية-مغربية/ سورية-أردنية... إلخ) وذكرت أن جميع هذه اللجان لم يشعر بها المواطن ولم يجن أي ثمار لاجتماعاتها الفاشلة فلماذا؟
في 25/5/1981 تم إنشاء مجلس التعاون الخليجي واستبشر المواطن العربي خيراً، وشعر بالفرح والأمل في أن يكون هذا المجلس نواة لوحدة عربية كبرى، وكان مبعث الأمل أن ما يربط شعوب الخليج أكبر وأقوى مما يربط أبناء الوطن قاطبة، ففضلا عن الدين واللغة، فهناك العادات والتقاليد والمناخ الواحد ومصدر الدخل المشترك بل الشخصية الواحدة والثقافة المشتركة، لذلك كان الأمل كبيرا في مجلس تعاون ناجح يعطي مثلا وقدوة لباقي الوطن العربي فماذا حدث؟!بالأمس القريب ومع احتفال مجلس التعاون بذكرى مرور 28 عاما على إنشائه تحدث البعض عن شروخ خليجية، وهو تعبير مهذب عن كثرة الخلافات بين دول المجلس، وبعيدا عن الخطاب البلاغي لأمين عام المجلس بمناسبة هذه الذكرى هل يسمح لنا بذكر بعض الحقائق بلا مواراة؟!في السياسة الخارجية وفي نفس يوم الاحتفال قال السيد وزير الخارجية العماني «إننا لا نشاطر الأشقاء الخوف من طهران»... لا تعليق. وفي القضايا الاقتصادية وفي الأسبوع نفسه أيضا انسحبت الإمارات من الاتحاد النقدي والعملة الموحدة احتجاجا على اختيار السعودية مقرا للبنك المركزي الخليجي... أيضا لا تعليق! وعلى الجانب الاجتماعي ألغت البحرين نظام الكفيل، ومازالت قطر تفكر والسعودية ترفض كما ترفض التأشيرة الخليجية الموحدة... لا تعليق كذلك.إذا كانت كل هذه الاختلافات في جوهر وأساسيات الوحدة (سياسة خارجية- تنمية اقتصادية- نظام اجتماعي) فعن أي وحدة يتحدثون وبأي مجلس يحتفلون؟!أعلم أن هذا الحديث سيغضب البعض ولكن من الضروري مواجهة الحقائق بدلا من دفن الرؤوس في الرمال، وليس الهدف- كما قد يدعي البعض- الانتقاص أو التقليل أو رفض فكرة مجلس التعاون، ولكن الهدف البحث عن سبب فشلنا دائما في محاولات الوحدة؟ ولماذا يصاب المواطن العربي دائما باليأس من نجاح حكامه ومقدرتهم على تحقيق أحلامه؟أعتقد أن السبب الأساسي في ذلك بداية من وحدة مصر وسورية إلى مجلس التعاون مرورا بالاتحاد المغاربي والوحدة الثلاثية بين مصر والسودان وليبيا يرجع إلى أنها كلها تأتي من أعلى من القادة وليست من الشعوب. بالتأكيد ليس المقصود أن الشعوب ترفضها فهي تتمناها اليوم قبل غد، ولكنها تتمنى أن تكون أيضا مشاركا حقيقيا في قرار الوحدة وعضوا فاعلا في قراراتها، وليست مجرد ديكور تزين به بياناتها. ولكن يبدو ذلك أقرب إلى الغول والعنقاء، فلكي تشارك الشعوب في قرار الوحدة وقراراتها يجب أن تشارك أولا- مشاركة حقيقية- في حكم بلادها... فهل هناك أمل أن نرى ذلك يوما ما؟! كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء