بلير ... يعلن الحرب على البيروقراطية
عجزت الدراسات عن تفسير ظاهرة الولع والهوس بالتخطيط وإعادة رسم الأولويات بين الحين والآخر، واليوم وعبر شبكة المعلومات الدولية ووسائل الاتصال السريع وسرعة تدفق المعلومات والأفكار يتصل المرء بالمؤسسات الاستشارية العالمية، ويدخل من خلالها إلى العالم الافتراضي، الذي يسعى إلى رسم صورة مشرقة للمستقبل، وأبرز مثال الدراسة التي أجريت أخيرا ونشرتها الصحف من قبل مكتب «طوني بلير» الاستشاري العالمي ورئيس الوزراء البريطاني السابق، الذي يضم، حسب ما جاءت به بعض المقالات الصحافية البريطانية، شركاء من الدول العربية.استندت الدراسة التي قام بها فريق بلير إلى مؤشرات رئيسة مهمة، تعتبر محركات لقضايا مستقبلية، كالتعداد السكاني الذي يزداد عاما تلو الآخر دون تجانس بين المعدل السلبي الخاص بازدياد الكويتيين والمعدل الإيجابي المتزايد للعمالة الوافدة، والمؤشر الثاني هو جاذبية القطاع الحكومي للقوى العاملة الكويتية الشابة حتى بلغ المعدل 80%، يقابله عزوف شبابي عن العمل في القطاع الخاص، والاستغناء عن المزايا التي يمنحها القطاع العام من إجازات سخية وعدد متواضع من ساعات العمل تقابلهما إنتاجية منخفضة، والمؤشر الثالث هو مستوى الإنفاق المتزايد على عملية التعليم الذي فاق إنفاق الاتحاد الأوروبي بأكمله.
وفي هذا السياق أذكر الدراسة التي أجراها البنك الدولي مع وزارة التربية التي حذرت من الإنفاق المتزايد على عملية التعليم الكامن في بند الرواتب والأجور، بدلا من المختبرات العلمية واللوازم التعليمية الحديثة، والمثير في دراسة البنك الدولي هو المقارنة بين تكلفة الطالب في التعليم الخاص والحكومي، والتي بلغت 1681 د.ك في التعليم الحكومي، يقابلها 865 د.ك في التعليم الخاص، أي ما يعادل الضعف تقريبا (أجريت الدراسة عام 2004 ). وعودة إلى الدراسة التي أجراها مكتب بلير يلاحظ أنها طرحت أبعادا في إطار الرؤية المستقبلية للكويت، منها إحياء روح المبادرة entrepreneurship بالإضافة إلى بعض المواضيع التي قد تبدو وكأنها فاقدة الترابط الموضوعي، ومنها توفير الأراضي وتقليص الروتين وغيرها من الأمور المحلية التي لن تعجز عنها الأجهزة الاستشارية المحلية، أما خبرة «طوني بلير» الشخصية فتكمن، باعتقادي، في السياسة الخارجية والعلاقات الدولية، وذلك من خلال ترؤسه اللجنة الرباعية الدولية.وفي الدراسة التي نشرت يقترح بلير تأسيس مجلس أو منظومة في منطقة الخليج تختص بالأمن والتعاون الإقليمي، على غرار مؤتمر الأمن والتعاون الاقتصادي في أوروبا osce.ما سبق أخي القارئ كان ملاحظات حول التقرير الخاص بمكتب بلير، والذي نشرته الزميلة «القبس» قريبا، واختتم التقرير بخطوات تنفيذية متمثلة في إنشاء وحدة للمتابعة وإدارة «الإعلام الاستباقي» الذي مازلت أبحث عن معنى له، وأخيرا فالتقارير كثيرة والخطط أكثر، والعبرة تكمن في التنفيذ. كلمة أخيرة: بغض النظر عن نتائج جلسة منح الثقة البرلمانية للوزير المستجوب، فـ«الداخلية» بحاجة إلى استراتيجية لبناء الثقة مع النواب، والبحث عن الأسباب التي دفعت التكتل الشعبي وتكتل الإصلاح والتنمية وتكتل لأجلكم، أي ثلاثة تكتلات برلمانية إلى جانب وقوف 40% من نواب الدائرة الرابعة و60% من نواب الدائرة الخامسة ضد منظومة «الداخلية»... هل هي مخاوف التعامل مع ازدواجية الجنسية؟ كما أننا بحاجة أيضا إلى المحافظة على خصوصية ساحة الإرادة، التي شهدت تجمعات مهمة وتاريخية خاصة بالحقوق السياسية للمرأة، وحملة الإصلاح الانتخابي «نبيها خمس»، دعونا نحافظ على الساحة دون كاميرات إنما بمواثيق واضحة للعمل السياسي. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء