أجمع عدد من المشاركين في حفل استقبال خالد الفضالة على احترام السلطة القضائية، لأنها الحصن المنيع والملاذ الأول والأخير للجميع، مؤكدين أن التحالف الوطني لم يمارس أيَّ ضغط على السلطة القضائية كما أشاع البعض.

Ad

أكد أمين عام التحالف الوطني الديمقراطي خالد الفضالة، أنه لأول مرة في حياته يشعر بعجزه عن التعبير عن شعوره حيال ما مرَّ به طوال الأيام العشرة الماضية التي احتُجز خلالها، على خلفية الدعوى القضائية المرفوعة ضده من قِبَل سمو رئيس مجلس الوزراء، مشيراً إلى أنه طوال هذه المدة ورغم صعوبة الأمر ومرارة التجربة ووجوده خلف القضبان لا يعرف ليله من نهاره، فإن شيئاً واحداً جعله متماسكاً ألا وهو الوقفة الحاسمة للشعب الكويتي بمختلف أطيافه لمساندته ودعمه.

وقال الفضالة في كلمة ألقاها على هامش حفل استقباله الذي نظمه التحالف الوطني الديمقراطي مساء أمس الأول في مقره عقب الإفراج عنه: "كل تحركات ونشاطات المناصرين وصلتني داخل السجن، لاسيما كل اتصال هاتفي ورسالة وموقع إلكتروني وخبر صحافي نُشر في جريدة، أو مقالة كتبت في حقي لدعمي، وكل دعاء أم وأب، وكل وقفة جادة من شبان وشابات الكويت وصلتني وأنا خلف القضبان، لا عبر وسائل الإعلام المرئية أو المسموعة أو المقروءة، بل عندما كنت أغمض عيني لأخلد إلى النوم، وأنا مليء بالثقه بأن ثمة رجالا ونساء في الكويت يأبون ضياع الحقوق".

وأضاف: "كانت ثقتي بكم كبيرة، وعندما خرجت شاهدت هذا التحرك والحضور الحاشد، لاسيما ما نقله إليَّ بعض الإخوة عن مساندتكم لي، ورغم مرارة التجربة فإني أعلنها أن خالد الذي كان محجوزاً طوال عشرة أيام هو خالد الواقف أمامكم اليوم، لكن الفارق الوحيد هو ما أعلنته قبل عشرة أيام في نفس المكان داخل مقر التحالف، أنني لم أُهزَم بل نجحت في إيصال الرسالة من خلال التحالف الوطني الديمقراطي، وترسيخ المبادئ السامية التي انطلقنا منها، رغم وجودي داخل السجن استطعنا توحيد الكويت جمعاء على قلب رجل واحد، وأثبتنا مجدداً أنه لا وجود لسنّي وشيعي أو بدوي وحضري".

وأكد الفضالة أن الشعب الكويتي الأصيل يظهر وقت الشدائد والمصاعب ويكون يداً واحدة، مشيراً إلى أن الدستور وتطبيق القوانين وحماية الحريات العامة، والدفاع عن المال العام خط أحمر لا يمكن المساس به، لاسيما أن كل من تسول له نفسه المساس بهذه المرتكزات، فإنه سيجد الشعب الكويتي برجاله ونسائه، شيعته وسنّته، بدوه وحضره له بالمرصاد، مشدداً على أن الأيام العشرة التي قضاها خلف القضبان لن تضيع هباءً ولن ولم تهزمه بل زادته حباً للكويت والتزاماً أكثر بتطبيق القانون واحترام الدستور، والدفاع عن الحريات العامة وحماية المال العام، مناشداً مسانديه تحويل شعار الحملة من "كلنا خالد الفضالة" إلى "كلنا الكويت".

إفلاس نيابي

بدوره، بارك عضو مجلس الأمة مسلم البراك لأمين عام التحالف الوطني الديمقراطي خالد الفضالة إخلاء سبيله، وللكاتب محمد عبدالقادر الجاسم على حكم البراءة، مؤكداً ثقته بالقضاء الكويتي العادل والنزيه، متمنياً أن يتجه حكم محكمة التمييز في قضية الفضالة إلى البراءة، مشيراً إلى أن المسؤولية على قدر السلطة وسمو رئيس مجلس الوزراء حسب الدستور يملك سلطة كبيرة باعتبار أن مجلس الوزراء هو المهيمن على مقدرات البلاد، معتبراً أنه في حال توجيه أي انتقاد إلى سمو الرئيس فهذا لا يعني بالضرورة انتقادا شخصيا بل هو لتقويم الوضع الخاطئ.

وذكر البراك لـ"الجريدة"، أن الفضالة وأمثالة من منتقدي سمو الرئيس لو كان مبتغاهم المصالح الشخصية لتصالحوا مع سموه، مشيراً إلى أن الكويت والتنمية تحتاجان إلى حريات، مؤكداً نزاهة القضاء كونه حصانا رابحا يركض في مضمار الحريات والدستور، مبيناً أن كل مظلوم وكل مضطهد وكل من تقمع حريته في هذا البلد لن يجد بعد الله إلا القضاء العادل.

وأضاف: "نشعر بالإفلاس حيال مجلس الأمة الحالي، كون السواد الأعظم من أعضاء السلطة التشريعية باتوا "لا يهشون ولا ينشون"، ولا يحركون ساكناً، وأضحوا مجرد رقم وكمالة عدد لا أكثر ولا أقل، وعندما نشكو جور الحكومة وجور المجلس النيابي لا نجد بعد الله إلا القضاء العادل النزيه محل اعتزازنا وفخرنا، لاسيما أحكامه التي تؤكد هذه الحقيقة".

كفى مهاترات

من جانبه، أعرب نائب أمين عام التحالف الوطني الديمقراطي صلاح المضف عن مدى سعادته لإطلاق سراح أمين عام التحالف الوطني الديمقراطي خالد الفضالة، مشيراً إلى أن قضية الفضالة زادت التيار الوطني قوة وصلابة للاستمرار في نهجه الوطني الذي بناه الآباء والأجداد منذ قرابة القرن، وزادت عزمه على تطبيق ثوابته، وتمسكه بدستور 1962 الذي ضمن الحريات وحماية المال العام.

وقال المضف لـ"الجريدة": "التحالف الوطني لم يمارس أيَّ ضغط على السلطة القضائة كما أشاع البعض، لاسيما أن الندوات التي نظمها كان الهدف منها تأكيد ثوابته الوطنية التي انتهجها سبيلاً خلال السنوات الماضية، امتداداً لمن سبقونا في هذا الطريق، أما بالنسبة إلى قضائنا النزيه فنحن نحترمه ونقدر أحكامه"، مشيراً إلى أن كل من حاول أو سيحاول الزج بقضية التحالف الوطني الديمقراطي ممثلة في أمينها العام خالد الفضالة لاختراق القضاء أو تطبيق أجندات خاصة على حساب التحالف، نقول له كفى مهاترات على حساب الوطن وأهله، مؤكداً ان التحالف يجل القضاء، ومواقفه خلال اعتقال الفضالة ما هي إلا تأكيد على المبادئ والنهج اللذين مضى فيهما منذ زمن بعيد.

ملاحقات

من جهته، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د. غانم النجار أن حكم محكمة الجنح المستأنفة القاضي بإطلاق سراح الفضالة، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن القضاء الكويتي قادر على التصدي لكل ما يصب في خانة معاداة حريات التعبير، مشيراً إلى أن الشعب الكويتي لم يعتَد أسلوب الملاحقات، متوقعاً أن تكون قضية الفضالة بداية النهاية لملاحقات إبداء الرأي، مؤكداً أن القضاء الكويتي سيكون في المرصاد لأي محاولات تعدٍّ على حريات التعبير.

وقال النجار: "غير صحيح ما أُشيع أخيراً عن ممارسة التحالف الوطني ضغطاً على السلطة القضائية لإطلاق سراح الفضالة، لأن الحديث خلال الندوات التي أقامها التحالف كان عن أسلوب ظهر من شخص في مقام وقدر سمو رئيس الوزراء، وكان عليه أن يتحمل النقد ويكون أكثر مرونة ولا يندفع في اتجاه التصيد، والكلام كان موجهاً لأسلوب الملاحقة لا القضاء"، مؤكداً أنه طالما وصل الأمر إلى القضاء فهو الموقع الآمن.

وذكر النجار أن ثمة قضايا أخرى في نفس الاتجاه، لاسيما أن هناك قوائم باسماء أخرى في طريقها للملاحقة، معتبراً أنه في حال حدوث هذا فنحن نسير في الاتجاه الخطأ، مشدداً على ضرورة الاستفادة من قضيتي الفضالة والجاسم، لأنه من غير الملائم على شخصية عامة في منصب عام أن تدفع في اتجاه رفع القضايا على من يعارضها في الرأي، لاسيما أن المذكرة التفصيلية للدستور عرفت المنصب العام بأنه الحد الذي قد تصل فيه عبارات النقد إلى حد التجريح الشخصي، متمنياً أن يكون ما حدث مدخلا للهدوء والاستقرار في البلاد.

فخر

بدوره، أعرب د. سند الفضالة والد خالد عن مدى سعادته للإفراج عن ابنه، لاسيما لنزاهة القضاء الحصن الحصين والملاذ الأول والأخير للجميع، مشيراً إلى أن الأزمة التي مر بها خالد بينت مدى تماسك الشعب الكويتي وقت الأزمات، موضحاً أن التجمع الحاشد الذي حضر اليوم (أمس الأول)، لمساندة ومؤازرة خالد ضم العديد من القوى الوطنية، متمنياً أن تستغل هذه القوى هذا التجمع لحل جميع الخلافات وتقريب وجهات النظر فيما بينها، لاسيما إيجاد آلية جديدة لحل المشكلات التي تواجه الكويت والعالقة منذ زمن من دون حل.

وقال د. سند لـ"الجريدة": "أنا فخور كوني أبا لخالد الذي تبنى منذ شبابه فكرة توحيد الكويت على قلب رجل واحد، ونبذ الفئوية والطائفية وعدم التفريق بين سني وشيعي أو بدوي وحضري، لاسيما أن القائمة الطلابية التي أنشأها خلال سنوات دراسته في الولايات المتحدة الأميركية مع مجموعة من الشباب الكويتيين كانت تحت مسمى "الوحدة الطلابية"، التي تشير إلى وحدة الشعب الكويتي كله، فضلاً عن أن تحركاته خلال السنوات الأربع الماضية سواء داخل أو الكويت خارجها تدعم هذا التوجه"، مشيراً إلى أن خالد وحّد الشعب الكويتي، متمنياً استمرار هذا التوحد لمجابهة قوى الفساد وإعلاء كلمة الحق تحت مظلة الدستور.

دولة المؤسسات

من جانبه، قال رئيس الجمعية الكويتية للدفاع عن المال العام أحمد العبيد: "نحمد الله أننا في دولة قانون ودولة مؤسسات، والقضاء اليوم (أمس الأول) من خلال محكمة الاستئناف-الدرجة الثانية قال كلمته لمصلحة خالد الفضالة، وأعتقد أن الفريق الذي عمل لمصلحة خالد طوال الأيام العشرة التي احتُجِز خلالها عمل وفق آلية قانونية صحيحة حتى توصل إلى نتيجة إيجابية"، متمنياً أن ترسخ هذه الممارسة حقيقة واحدة وهي أن الكويت بخير طالما هناك احترام للقانون، لاسيما أن هناك قضاء شامخا وعادلا ونزيها في دولة المؤسسات.

وأضاف العبيد لـ"الجريدة": "القضاء الشامخ بمنأى من ممارسة أي نوع من أنواع الضغوط، وأعتقد أن الكويتيين جبلوا منذ بناء الدولة على التعبير عن الراي بكل احترام وتقدير، وكل الندوات والفعاليات التي أقيمت تضامناً مع الفضالة كانت بصفته أمينا عاما للتحالف الوطني الديمقراطي، كتجمع سياسي قائم له أهداف معلنة وبرنامج عمل واضح يرتكز أساسا على الدستور وتطبيق القانون وحماية الحريات العامة التي تندرج تحتها حريات التعبير عن الرأي بطرق سليمة"، نافياً وجود أي ضغوطات مارسها التحالف على القضاء لإطلاق سراح خالد.

القامس:11 ألفاً شاهدوا فيديو اعتقال الفضالة عبر الـ «يوتيوب»

قال عضو المكتب التنفيذي في التحالف الوطني الديمقراطي جاسم القامس: "منذ لحظة صدور حكم المحكمة على خالد الفضالة، القاضي بحبسه 3 أشهر مع النفاذ ودفع غرامة مالية قدرها 150 ديناراً وحتى يوم اعتقاله، لاحظنا تضامنا وتأييدا غير مسبوقين من جانب شبان وشابات الكويت، الذين يعرفون خالد ومعدنه الأصيل ونقاءه وحسه الوطني الخالص البعيد كل البعد عن المصالح الشخصانية الضيقة", مشيراً إلى أن الدعم الذي تلقاه خالد ليس في الاتصالات الهاتفية فحسب إنما ظهر في الحضور الحاشد الذي شهده مقر التحالف في منطقة النزهة خلال الندوات التي كان ينظمها إعلان التضامن مع الفضالة أثناء حبسه، لاسيما التضامن اللامحدود الذي تلقيناه عبر المواقع الالكترونية والمدونات والـ"فيسبوك".

وأضاف: "تحرك شبان وشابات الكويت من تلقاء أنفسهم للإعلان عن تضامنهم مع الفضالة، كونهم يعرفون أن ما كان يقصده خالد هو إعلاء كلمة الحق والتعبير عن واقع وإن كان مؤلما، حتى لقي الحبس على خلفيته، لكن الكلمة مكانها ليس السجن، لأنه لا يمكن للسجن أن يصادر حرية رأي أو يحجر حق إنسان"، مؤكداً أن التحرك لم يكُن من أجل شخص خالد، بل لإيصال رسالة لإصلاح الوطن ورفعته. وأوضح القامس أن 3 آلاف شخص من مختلف الأعمار ظلوا يساندون خالد طوال فترة حبسه، لاسيما أن بيان التضامن الصادر بحقه وقّع عليه حتى الآن أكثر من 600 شخص، والعدد في تزايد حتى بعد إطلاق سراحه، فضلاً عن أن فيديو رسالة أسرة خالد الذي تم تحميله على موقع الـ"يوتيوب" بلغ عدد مشاهديه حتى الآن قرابة 7 آلاف و500 شخص، بينما بلغ عدد مشاهدي فيديو اعتقال خالد على نفس الموقع قرابة الـ11 ألف شخص، معتبراً أن هذا التضامن اللامحدود وراء كلمة الحق ليس غريباً على الكويتيين.

وأكد القامس أنه رغم محاولات التعتيم الإعلامي على قضية خالد، فإن الشباب الكويتيين ضربوا مثالاً رائعاً في استخدام طرق بديلة عبروا خلالها عن رأيهم بكل جرأة ومصداقية، مشيراً إلى أن الشباب هم الوقود الحقيقي للتقدم والرقي والازدهار، مشدداً على احترام القضاء وأحكامه، كونه الملاذ الأول والأخير والحصن المنيع لنا جميعاً، مشيراً إلى أن محاولات البعض الزج بالقضاء وإقحامه في غمار الصراع السياسي، باءت بالفشل لأن ما فعلنا هو مساندة خالد لا الاعتراض أو مخاصمة القضاء.