عاد مسلسل الاستجوابات الممل من جديد ليكون إضافة إلى العديد من المسلسلات الكويتية الهابطة التي يشاهدها الناس في التلفاز، لكن ما يميز استجواب النائب علي الدقباسي لوزير الإعلام هو التناقضات العجيبة التي تضمنته والتي تصلح لأن تكون صحيفة استجواب للنائب نفسه.

Ad

ففي المحور الأول من الاستجواب يقول النائب الفاضل إن الوزير تقاعس عن تطبيق قانوني الرقابة المالية والإعلام المرئي والمسموع مما نتج عنه قيام بعض المؤسسات الإعلامية بـ«إثارة الفتنة واستثارة النعرات الطائفية والقبلية والفئوية والطبقية، والسعي إلى شقّ الوحدة الوطنية وتمزيق النسيج الوطني الاجتماعي الكويتي». كلام جميل وبالفعل هناك مؤسسات تعمل على بث الفتنة والتفرقة بين الكويتيين، لكن كيف يتحدث النائب الدقباسي عن الوحدة وهو بنفسه نتاج انتخابات فرعية (أو تشاورية... سموها ما شئتم) مبنية على التعصب للعرق وتقسيم المجتمع إلى فئات لفرض الكوتا القبلية عليه؟ وقد خاض النائب هذه الانتخابات لأربع مرات متتالية ليترشح في الانتخابات العامة كممثل للقبيلة لا كمواطن يمثل كل أبناء الشعب ومختلف أطيافه.

وفي المحور الثاني يتحدث النائب الدقباسي عن « برامج تتضمن الحض على كراهية وازدراء فئات من المجتمع الكويتي، وكان هذا هو الطابع العام لبعض البرامج والمواد التي تبثها قنوات مرخصة أو غير مرخصة». أيضا كلام جميل لكن لماذا الحديث عن هذه الظاهرة الآن فقط بعد كلام الجويهل على قناته الفضائية؟ فأين كان النائب الفاضل عن هذه الظاهرة قبل سنتين إبان أزمة التأبين الشهيرة التي باتت مرجعا ومستندا لكشف تناقضات مدعي الوحدة ومكافحة الفتنة؟ مع أن ما أحدثته بعض القنوات قبل سنتين يفوق بمرات ما أحدثته قناة الجويهل.

ففي التأبين قامت أجهزة إعلامية ضخمة مدعومة بجيش من الكتّاب والإعلاميين بمحاولة اغتيال سياسية تصدرت الصفحات الأولى ونشرات الأخبار وبشكل يومي، وسرعان ما تحولت إلى فتنة طائفية وحملة مسعورة ضد طيف كامل من المجتمع، وكان أحد أسباب تفاقم تلك الفتنة هو اصطفاف أغلبية النواب آنذاك بجانب تلك المؤسسات الإعلامية– بمن فيهم النائب الدقباسي نفسه- ورضوخهم للابتزاز والإرهاب الإعلامي. وفي المقابل استنكر الجميع من نواب وكتاب وإعلاميين ما بث على قناة السور من كلام صدر من شخص واحد فقط، وكان بالإمكان التعامل مع ما قاله بحكمة وبإعطائه حجمه الحقيقي، لكن التضخيم الذي مارسه بعض النواب بأنفسهم هو الذي أدى إلى ارتفاع وتيرة العصبيات العرقية والعنصرية وخلق الفتنة في المجتمع. لذلك، إن كان النائب المحترم يتحلى بكل هذا الحرص على الوحدة الوطنية، فلماذا لم يفعل أدواته الدستورية ضد وزير الإعلام آنذلك لمحاسبته على عدم تطبيق القانون على تلك المؤسسات القائمة على الفتنة؟ بل لماذا لم يكتف بالوقوف على الحياد على الأقل بدلا من ركوب تلك الموجة الفتنوية ليأتي الآن مدعيا الحرص على الوحدة؟!

من الواضح أن هذا الاستجواب لم يكن نابعا من الحرص على تطبيق القوانين ولا الخوف على الوحدة، بل جاء لاغتنام فرصة ذهبية لإعادة الكرة مرة أخرى والثأر من فشل الاستجوابات الأربعة، وبالرغم من التهويل الذي يمارسه مؤيدو الاستجواب لإيهام الناس والحكومة بأن الوزير «طاير» لا محالة، يبدو أن سيناريو هذا الاستجواب سيكون مثيلا لسيناريو الاستجوابات الأربعة، حيث ذهبت كل الوعود بالمفاجآت أدراج الرياح ورجع المستجوبون بـ«خفي حنين».

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة