الحق أن ظاهرة زواج القاصرات العربيات من «الخلايجة» حرية باهتمام المجلس الوزاري لوزراء الشؤون الاجتماعية في مجلس التعاون الخليجي، لكون الظاهرة تتجلى فيها صورة العربي الخليجي النفطي القبيح!

Ad

* يروعني ويثير حفيظتي اجتراري للكتابة عن القضية ذاتها مرات عديدة، طوال عشرات السنين، لكونها ما برحت تشكل ظاهرة اجتماعية تتنامى بتقادم السنين، وكأنها قدر لا سبيل إلى دفعه أو احتوائه، وفي هذا السياق: كتبت مقالات عدة؛ خلال الثلاثين سنة الأخيرة، حول ظاهرة وفعلة الزواج السياحي الصيفي التي يرتكبها العرسان العواجيز «الخلايجة» كل موسم صيف في بعض القرى المصرية المستورة؛ التي يكابد سكانها العوز والفقز والجهل والمرض، وكل منغصات الحياة الدنيا.

ولعل الذي حرضني على العودة لإثارة زواج القاصرات الفقيرات من عرب الخليج والجزيرة العربية يكمن في الدراسة المهمة التي قامت بها وزارة الأسرة والسكان بمصر حول هذه الظاهرة، وتمحورت حول ثلاثة مراكز بمحافظة 6 أكتوبر هي (الحوامدية، والبدرشين، والمنوات). وحين نشأت هذه الظاهرة كانت محصورة بقرية «الحوامدية» عاصمة الزواج «الطياري» المؤقت المنعوت بأسماء شتى ما أنزل الله بها من سلطان، سوى المتعة المعجونة بالشبق «الثوري» البهيمي (النسبة للثور لا للثورة!). ولعله من نافل القول الإشارة إلى أن سوق نخاسة القاصرات تديره عصابة «مافياوية» أخطبوطية قوامها سماسرة؛ وأصحاب سيارات الأجرة؛ و»ناضورجية» يتسمون بقرون استشعار يقنص العريس النفطي العجوز المزواج؛ الذي يمارس رخصة التعدد وتغيير الزوجات ببساطة تعدد «دشاديشه وكوفيته وعقاله»؛ دون أن يرف له جفن الإحساس بمسؤوليته تجاه زيجته اللا إنسانية.

والسؤال الذي يدحرج نفسه بشدة هو: ما المتعة التي يجدها العريس الشايب في الزواج من فتاة قاصر في سن حفيداته؟! وأحسب أن هكذا سؤال غير وارد لدى عرسان الصيف، بظنهم أنهم يمارسون حقا «شرعيا» تتوافر فيه كل شروط الزواج السوي الذي يمارسه بقية خلق الله الأسوياء! لكن المفرح في الأمر أن الجهات المختصة في مصر شرعت في السنوات الأخيرة بالاهتمام بالظاهرة اللاإنسانية عبر الدراسات والمباحث والتشريعات الساعية إلى احتوائها، والمتطلعة إلى اجتثاث جذورها الخبيثة! ولعل الدراسة التي قامت بها وزارة الإسكان والأسرة بشأن زواج القاصرات من أزواج عرب، تمثل الاستجابة الصحيحة الصحية للتصدي لهذه الظاهرة التي باتت حاضرة في كل المواسم، ولم تعد قاصرة على الصيف وحده! والحق أن ظاهرة زواج القاصرات العربيات من «الخلايجة» حرية باهتمام المجلس الوزاري لوزراء الشؤون الاجتماعية في مجلس التعاون الخليجي، لكون الظاهرة تتجلى فيها صورة العربي الخليجي النفطي القبيح! مثلما أطلقت وزارة الأسرة والسكان المصرية حملة قومية لمناهضة زواج الفتيات القاصرات من عواجيز بني نفط، وتقديمها الخدمات الوقائية، والاستشارات القانونية لتداعيات هذه الزيجات غير المتكافئة واللاإنسانية، يجدر بالأمانة العامة لمجلس التعاون التفكير بعقد قمة عربية خليجية تكرس لمعرفة أسباب ودوافع شيوع صورة الخليجي المكروه القبيح في الأقطار السياحية العربية!