في ذكرى حرب غزة!

نشر في 29-12-2009
آخر تحديث 29-12-2009 | 00:00
 صالح القلاب مرَّ عام على حرب غزة التي كانت نتائجها مأساوية، وخلفت دماراً كالدمار الذي خلفته حرب يوليو عام 2006 في بيروت ولبنان، لكن، كما هو واضح، فإن المعنيين بالأمر في الدويلة البائسة التي أقامتها حركة حماس هناك مازالوا لم يدركوا أن عليهم أن يراجعوا مسيرتهم، وأن عليهم أن يستفيدوا من دروس هذه الحرب التي كانت هناك إمكانية كبيرة لتفاديها لو أن هؤلاء تصرفوا بعيداً عن التزاماتهم الإقليمية، ولو أنهم تعاملوا مع واقع شعبهم المحاصر بمسؤولية وبغير الحسابات التنظيمية الضيقة.

في الذكرى الأولى لحرب غزة المدمرة فعلاً بادرت إسرائيل إلى ارتكاب ثلاث جرائم متباعدة جغرافياً، لكنها في المغزى والهدف تلتقي عند نقطة واحدة، وهي التذكير بأن اليد الإسرائيلية طويلة وقادرة على أن تضرب في غزة وفي نابلس في الضفة الغربية، وفي بيروت في قلب دولة حزب الله في الضاحية الجنوبية في الوقت نفسه، وهذا لم يأخذه الذين من المفترض أنهم معنيون بعين الاعتبار، ولم يكلفوا أنفسهم التوقف عنده.

بل إن "حماس" بادرت فور وقوع جريمة نابلس، التي قتل خلالها الجيش الإسرائيلي ثلاثة من أبناء هذه المدينة العريقة في نضالها البطولي، والتي تحمل اسم "جبل النار"، إلى اتهام السلطة الوطنية بأنها متورطة، وأن ما وقع كان بالتنسيق بين أجهزتها الأمنية والأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وكان المفترض، بعد وقوع الجريمتين الأخيرتين، أن تسأل هذه الحركة نفسها عن المتورط في جريمة غزة وفي جريمة ضاحية بيروت الجنوبية، إذا كان لابد من متآمر متورط في كل جريمة من الجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد أبناء الشعب الفلسطيني، بغض النظر عن توجهاتهم وانتماءاتهم الفصائلية والتنظيمية.

وهكذا ومع أن مغزى ارتكاب إسرائيل هذه الجرائم الثلاث تباعاً، الأولى في نابلس، والثانية في غزة، والثالثة في ضاحية بيروت الجنوبية، وخلال ثمان وأربعين ساعة، واضح ومعروف، وهو التذكير في الذكرى الأولى لحرب غزة المدمرة بأن يدها طائلة وقادرة على الوصول إلى أي فلسطيني تريد التخلص منه، فإن أصحاب الدويلة الغزية البائسة لم يجدوا في هذا الأمر إلا فرصة لتشويه صورة السلطة الوطنية، وإلصاق تهمة الخيانة والتآمر بها، وعلى غرار ما حدث خلال معركة تقرير "غولدستون" الذي لم يعد يذكره أحد، وذلك رغم أهمية ما انتهى إليه.

كان يجب أن تكون الذكرى الأولى لحرب غزة فرصة لمراجعة الذات واستخلاص العبر، وأولى هذه العبر أنه إذا كان الانقسام مبررا بالنسبة إلى أي شعب من شعوب الأرض فإنه غير مبرر، على الإطلاق، بالنسبة إلى الشعب الفلسطيني وخاصة في هذه المرحلة الدقيقة، إذ قضيته عالقة في عنق الزجاجة، وطرأت مستجدات كثيرة بالنسبة إلى هذه القضية، أهمها كل هذا التحول العالمي تجاهها سواء على صعيد الرأي العام أو على صعيد المواقف الرسمية، وخصوصا المواقف التي اتخذتها دول الاتحاد الأوروبي في الآونة الأخيرة.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة 

back to top