السعدون باع بلده


نشر في 20-05-2010
آخر تحديث 20-05-2010 | 00:00
 حسن مصطفى الموسوي وأخيراً أُقر قانون الخصخصة الذي ظل حبيس الأدراج لأكثر من 15 عاماً، لكن من الواضح أن هذا القانون وحده لن يحل مشكلة البطالة ولن يحسِّن من الخدمات التي تشرف عليها الدولة، إذ يلزمه إقرار قوانين أخرى مثل حماية المستهلك ومنع الاحتكار وغيرها من القوانين المحبوسة في الأدراج نتيجة لعدم استقرار الوضع السياسي. 

 

لكن القضية الملحّة التي تتطلب دراسة عاجلة وحلولا جذرية هي قضية إصلاح سوق العمل بعد السياسة الحكومية الخرقاء بإغداق الزيادات والكوادر على القطاع العام، انصياعا للابتزاز والضغوط، ومن دون دراسة في وقت كان المفترض توجيه هذه المحفزات المالية تجاه القطاع الخاص الذي يعاني نقص العمالة الوطنية. ومما يزيد خطورة هذا الوضع هو إقرار خطة التنمية بما تتضمنه من مشاريع إنشائية ضخمة تتطلب مئات الآلاف من العمالة لتنفيذها، وإذا استمر الاختلال في سوق العمل، فإن ذلك سيعني استقدام فوج من العمالة الأجنبية لأخذ هذه الوظائف، مما يعني مزيداً من الاختلال في التركيبة السكانية، ومزيداً من الزحام في الشوارع، ومزيداً من الضغط على الخدمات، ويتزامن هذا الوضع مع انتظار أكثر من 17 ألف مواطن لفرص العمل عن طريق ديوان الخدمة المدنية، وهو رقم مرشح للزيادة بالآلاف خلال السنوات المقبلة في ظل تضخم القطاع العام. 

 

لكن حل مثل هذه المعضلة سيتطلب الأخذ بخيارات صعبة بعيداً عن المزايدات الانتخابية التي أثرت في إقرار قانون الخصخصة وأوجد فيه بعض الثغرات مثل المبالغة في حماية العمالة الوطنية بإعطائهم حق الانتقال إلى القطاع العام بنفس المزايا المالية مثلاً. بل إن تعديلات اللحظات الأخيرة مثل استثناء مصافي التكرير من الخصخصة مع أنها ليست قطاعاً مذكوراً في الدستور مثل التعليم والصحة والثروات الطبيعية كإنتاج النفط والغاز يدل على عدم الجدية في التعامل مع هذه القضايا الحساسة. 

 

لكن أكثر ما لفت نظري في جلسة إقرار القانون هو موقف النائب أحمد السعدون منه، حيث لم يكن موافقاً عليه باستحياء، بل إنه افتخر بأنه صاغ كثيراً من مواده وبأنه سيوافق عليه سواء أخذ بتعديلاته أو لم يؤخذ بها، بينما نجد النائب مسلم البراك يصر في الجلسة نفسها على أن هذا القانون «بيع للبلد»، وتساءل حين دخل في سجال مع النواب الصرعاوي والراشد ودشتي: «أنتم تضحكون على أنفسكم أم على الناس؟»... إذن نود أن نسأل النواب البراك وغيره من نواب «الشعبي» وبقية الرافضين للقانون: هل باع السعدون بلده وأنتم الذين دائماً ما تشيدون به وتعتبرونه رمزاً وطنياً؟ 

 

إن القضايا المختلفة التي مرت على المجلس في الآونة الأخيرة تثبت مجدداً أن استعمال مصطلحات التخوين ما هي إلا مزايدة وإرهاب فكري وفرز ساذج للنواب، فلا يوجد معسكران ثابتان تجاه كل القضايا، بل إن الدلائل تشير إلى أن عدداً ممن يتم تصنيفهم بأنهم ضد «بيع البلد» اتخذوا مواقفهم خضوعاً للضغوط وليس للقناعات، وآخر مثال على ذلك تراجع النائب مبارك الخرينج عن موافقته على إدراج قانون الخصخصة على جدول أعمال الجلسة بعد خضوعه لضغوط عدد من النواب على رأسهم مسلم البراك. إذن لنتعامل بمسؤولية مع التحديات القادمة بعيداً عن المزايدات الانتخابية، وإلا فإن المستقبل وأجياله لن يرحمانا. 

back to top