فضيحة توني بلير!
الكتاب يُقرأ من عنوانه.
واختيار توني بلير لوضع رؤية الكويت 2030 هو من تلك الاختيارات التي تُعرف من عنوانها.في بريطانيا التي نحب ونقدر، والتي ينتمي إلى جنسيتها السيد بلير، تبحث أكثر من لجنة في شبهات عديدة تحوم حوله، شبهات في مجالات عديدة مالية، وسياسية، وربما لن يكون آخرها لجنة تشيلكوت، التي تبحث إن كان بلير قد ضلل وكذب على الشعب البريطاني لمشاركته في حرب العراق، بل يبدو، وحتى قبل يومين، أنه قد يجرّ معه رئيس الوزراء الحالي غوردن براون إلى خارج مبنى 10 داوننغ ستريت.منذ فترة تجاوزت السنتين أصبح اسم توني بلير مدعاة للسخرية، من نجم قد هوى، ونموذجاً لفقدان المصداقية، بل تم وصفه بأنه كان تجسيداً حقيقياً لكتاب الأمير لميكيافيلي صاحب المقولة الشهيرة «الغاية تبرر الوسيلة». بل إن مجرد طرح اسمه كمرشح لرئاسة الاتحاد الأوروبي منذ أشهر قليلة أدى الى عاصفة من الاحتجاجات داخل بريطانيا حتى قيل إن ترشيحه أصلاً لم يكن جدياً.توني بلير اليوم، في بلده بريطانيا، أصبح يمثل نموذجاً من نماذج الفشل السياسي على كل المستويات، وكم كان سقوطه سريعاً، بعد أن كان نجماً ساطعاً، ممتطياً صهوة «حزب العمال الجديد» ومعتلياً مفهوم «الطريق الثالث» الذي طرحه البروفيسور جيدنز في «LSE» كيف حول بلير تلك الأفكار المتجددة وجعل منها مسخاً ليتحول إلى انتكاسات.سقوط بلير كان في كل شيء حتى في استخدامه فصلاً من رسالة ماجستير لطالب عربي في بريطانيا، والادعاء بأنه كان تقريراً استخبارياً، أو القول إن صدام كان قادراً على استخدام أسلحة دماره الشامل في لحظات، أو حتى إخفائه لتحوله من البروتستانتية إلى الكاثوليكية لأسباب انتخابية بحتة، إرضاء لطموحات زوجته شيري.آخر الشبهات التي أُعلنت في وسائل الإعلام هي إصرار السيد بلير على إخفاء صفقة تقدر بـ20 مليون جنيه إسترليني مقابل مساعدة شركة يو آي اينرجي النفطية الكورية للحصول على عقود في العراق أحدها في كردستان. وبالطبع هناك قضايا أخرى كثيرة من محلات تيسكو إلى الثري الفرنسي برنارد أرنولت إلى جي بي مورغان إلى زيوريخ إلى الزبير في العراق إلى أذربيجان.أن يسقط توني بلير أو يصحو أو يتجلَّى فذلك شأنه وشأن الشعب البريطاني الذي تعامل معه بقسوة وأعدمه سياسياً، ولكن أن يأتي من يأتي من بيننا ويختاره لكي يضع لنا رؤية الكويت 2030 فهو أمر يستحق التوقف، وأن يقال مؤخراً في «الديلي ميل» إن الاستشارات التي يعطيها بلير «شكلية لشيوخ آل الصباح» في الكويت، وإن تلك الاستشارة هي ليست إلا «رشوة كويتية» لتوني بلير، فإن الأمر يستحق، لأن ما هو آتٍ قد يكون أكبر من مجرد استشارات شكلية أو رشوة كما سنرى في المقال القادم.