سمو الشيخ ناصر المحمد معالي الشيخ أحمد الفهد

Ad

أما بعد، فما كنت لأتوجه إليكما مباشرةً بالكلام المباح، لولا أن أوضاع الرياضة وصلت إلى حد لا يطاق، ولا كنت لأواجهكما بالموضوع بلا مقدمات لولا إدراكي أن المسؤولية تقتضي قول الحق بلا قفازات، ولولا قناعتي بأنكما ستصغيان إلى الصراحة لعلمكما بمقدار الألم الذي يعتصر الكويتيين إزاء ما آلت إليه أحوال الرياضة والسياسة على السواء، وبحجم الآمال التي أعلقها عليكما تحديداً لإنهاء الأزمة الرياضية والابتعاد بكرة النار خارج منطقة الجزاء.

يعلم كلاكما أن رسالتي نابعة من قلب محب وصادق؛ فأنا تدرجت لاعباً وإدارياً ورئيس نادٍ، وعشت الوضع الرياضي بأفراحه ومشاكله، فلا كلامي يأتي من فراغ، ولا هو هابط عليكما من خارج السياق، لذا أناشدكما الإصغاء واعتبار ما سأقوله لكما نصيحة أخ وصديق وفرد من أبناء هذا البلد الطيب الذي أنعم علينا وعليكما بالخيرات، وواجبنا جميعاً تجاهه خدمته والارتفاع إلى مستوى التحديات بدل الغرق في المناكفات والحساسيات وتخييب آمال الناس.

من غير لف أو دوران، أقول لك يا سمو الرئيس إن مشكلة الرياضة استفحلت في عهدك، وفي ظل حكوماتك المتعاقبة وصلت إلى طريق مسدود بعدما صارت الرياضة نهباً للبروز والغرور، وتحولت من نشاط يليق بالمجتمعات المتقدمة إلى مسرح للمنازعات، ما أفقدنا اسمنا خارج الكويت وجعل الرياضة بالنسبة إلى الجيل الشاب باباً للتحزب الرخيص أو شيئاً من سقط المتاع.

أما أنت يا معالي نائب الرئيس فمسؤوليتك مسؤوليتان، ليس لأنك صرت "جامع الألقاب" فحسب، بل لأنك معروف بالحذق السياسي والاحتراف اللذين عزَّا على أقرانك من أبناء الأسرة؛ فالمهارة في تجميع الأوراق توجب صيانتها برموش العين لا تكديسها لتتعفن بين يديك وتتحول عبئاً على الأسرة والحكومة ومجمل النظام.

فأنت يا شيخ أحمد, في الجانب الرياضي، رئيس اللجنة الأولمبية ورئيس المجلس الأولمبي الآسيوي، وعليك أن تتحمل مسؤولياتك الرياضية في هذا الإطار، أما في الجانب السياسي، فأنت نائب رئيس الوزراء. فبصفتيك الكبيرتين وبحكم ألقابك مجتمعة وموقعك المتميز يجب أن تشارك في الحل بل أن تكون أول الساعين إليه فأنت تعلم ولا تحتاج إلى من ينبهك إلى ما يعرفه كل الناس عن أن الرياضة باتت سبيلاً للنفوذ والظهور، وأن الوسط الرياضي تحوَّل إلى واجهة لبعض أبناء الأسرة لممارسة الهوايات والغوايات والمخالفات، وعلى رأسهم شقيقك طلال الضارب بالقوانين عرضَ الحائط، ومحطم أقفال مكاتب "الاتحاد" والمحتل غير الشرعي للمقرات.

سمو الرئيس، معالي نائبه

أنتما الاثنان، الأول بحكم المنصب السياسي، والثاني بحكم المنصبين السياسي والرياضي، والموقع الأسري، تستطيعان حل المشكلة. فهي ليست كامنة في نواب يريدون التأزيم، ولا في كتلة تستهدف استجواب رئيس الوزراء.

إنها باختصار مسألة "تطبيق القوانين"، وفي أيديكما الحل والعقد. أما حصر القضية في الخلافات داخل الأسرة، فتبسيط مبالغ فيه، ولا مصلحة لكما به، لأنه يجعلكما مسؤولَين عن التخلي عن واجب السلطة التنفيذية في تنفيذ الأحكام، وعن إضعاف هذه السلطة وفتح الثغرات للاستهداف أو لأصحاب الأدوار الوسيطة الذين سيمَنُّونكم يوماً بالتسويات ويضيفونها ديناً لهم يستوفونه يومياً بالاقتطاعات من هيبتكم وهيبة النظام.

سمو الشيخ... معالي الشيخ

كلنا يعلم أن الاستجواب الرياضي على الأبواب، ونعلم أيضاً أنه لو حدث وصعد سموكم المنصة، فإنه سيعبر وسيجد أكثرية نيابية تحول دون سقوط الحكومة، بل تجدد عمرها. لكن هيبة الحكم ستتضرر والجِراح ستتعمق بين المجلس والشعب من جهة وبين الحكومة وبعض الأسرة من جهة أخرى. والهيبة كما تعلمان ليست مسألة أرقام، ولا في تقنيات التصويت، مثلما أنها لا تأتي من التعسف والقوة والقدرة على ليِّ ذراع القوانين.

الهيبة هي احترام القانون، وواجب مَن يحكم أن ينفذ القوانين على الأبعدين والأقربين؛ فلا يقال إن التوازنات الداخلية في الأسرة حتمت مواجهة الاستجواب على طريقة "ادعمني وادعمك"، ولا يقال إن الغرور أخذ بأهل السلطة إلى حدٍّ جعلهم لا يقيمون وزناً لمُطالب بحق أو لقانون أو لصاحب رأي، فهذا منتهى الإخلال بالأصول.

فيا سمو الرئيس... صوت القانون والشعب يناديك، ويا معالي الشيخ "انصر أخاك"... لكن بالحق، ولا تأخذنَّ بقول الجاهلية لئلا تكون مع الظالمين.