في شهر نوفمبر من العام الماضي حضرت وبعض الزملاء، الجلسة الافتتاحية للاجتماع الذي استضافته الكويت بشأن العراق ودول الجوار، تلك المنظومة التي تضم إلى جانب العراق تركيا وسورية وإيران والكويت والمملكة العربية السعودية والأردن وتجمع أيضا البحرين ومصر، إذ جلسنا في إحدى قاعات الشيراتون نتابع باهتمام الأحاديث والمداخلات وأوراق العمل التي طرحها ممثلو الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، بالإضافة إلى ممثلي مجموعة الدول الصناعية الثماني، وأعضاء بعض المنظمات الدولية الفاعلة. وعلى هامش المؤتمر وبعيدا عن الأوراق الرسمية، أدركت من خلال الأحاديث المشتركة حقائق عديدة:
أولها، حرص الكويت على دعوة أعضاء المجتمع الدولي، إلى مضاعفة الجهود لدعم مساعي الحكومة العراقية، ودعوتها أيضا جامعة الدول العربية لبذل المزيد من الجهود تجاه الأوضاع الأمنية الصعبة التي يشهدها العراق نتيجة لاستمرار الأعمال الإرهابية.والحقيقة الثانية هي إجماع الدول على أن ملفات التعويضات والحدود ثوابت أمام الجميع، وحقوق غير قابلة للمساومة، وذلك لأن الجميع يدرك أن دول «الجوار» وشعوبها لم تسلم قط من الأطماع والمغامرات «الصدامية»، وآخرها الألم والجرح الكويتي العميق الناتج عن الغزو الصدّامي للكويت عام 1990 بالإضافة إلى موضوع الحدود الذي حسمته لجان متخصصة واعتبرته محسوماً منذ جهود الحصر في التسعينيات المستندة إلى الاتفاق الذي تم عام 1962. أما اللجان الأخرى فعبر مجلس الأمن وثقت ملفات التعويضات، وإعادة الممتلكات، بالإضافة إلى الموضوع الذي احتل ومازال يحتل أولوية اهتمامنا، وهو الخاص بالأسرى الكويتيين ومصيرهم، وما حدث لهم، وبالتالي استلام رفات من استشهد منهم. أما اليوم، وبسبب عولمة الإعلام، نتابع بأسف، تداخل الشأن الدولي بالشأن المحلي، وارتفاع أصوات الشغب البرلماني، لتحل محل لغة القانون الدولي، وتراجع دور اللجان الدبلوماسية تاركة المجال أمام اللجان البرلمانية لاستثارة العواطف الشعبية، فالبند السابع، قراراته ملزمة، وتاريخ إغلاقة يكمن في تطبيق القرارات الدولية... وبتفعيل اللجان الدبلوماسية المشتركة، وتكليف مجموعات عمل فاعلة بالتنسيق المستمر، وتعزيز أساليب الحوار البناء ليستطيع الطرفان الكويتي والعراقي المحافظة على عوامل بناء الثقة وحمايتها من الاستغلال بهدف الدعايات الشخصية.وأخيرا فإن المتابع لدهاليز القانون الدولي يدرك أنه ليس للدول التي تتحمل أعباء الديون وحدها الحق في السعي إلى المطالبة بتخفيف الأعباء المالية، ولكن للدول المستفيدة أيضا الحق في الحفاظ على حقوقها في تسلم التعويضات وعدم التفريط بها، والمتابع لهذا الشأن يدرك أيضا أن الكويت سعت، ومازالت، إلى تقديم جميع أنواع المساعدات الإنسانية للشعب العراقي والتبرعات للمنظمات المحلية والدولية ووكالات الأمم المتحدة المتخصصة العاملة هناك، وساهمت في إعادة تأهيل قطاع الخدمات الكهربائية والصحية ونقل المياه إلى مناطق مختلفة، وأنشأت مركزا للعمليات الإنسانية التزاماً منها بتخفيف المعاناة. كلمة أخيرة: أليس لدينا قانون يمنع اقتناء الحيوانات المفترسة؟ أقول ذلك بعد أن استطاع نمر مفترس الإفلات من أحد المنازل في جنوب السرة وافتراس عدد لابأس به من القطط وجرح أحد العمال، وإثارة الذعر بين أهالي المنطقة حتى قام رجال الشرطة فورا بتطويق الشارع واصطياد النمر. وكلمة أخرى: ها قد عاد التشاؤم يحوم حول البرلمان مرة أخرى، وتكررت عبارات كالدائرة الواحدة، وزيادة عدد الوزراء والنواب... والجميع يتحدث عن سيناريو جديد قادم.. والله أعلم. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
مقالات
الكويت والعراق و عولمة المشهد الدبلوماسي
16-06-2009