انتخابات بيروت والبقاع: عون خسر «الاستفتاءات»... و«المستقبل» تعرَّض لنكسات
انتهت الجولة الثانية من الانتخابات البلدية والاختيارية في بيروت والبقاع بمجموعة من النتائج السياسية، التي يمكن استخلاصها في ضوء العناوين التي رفعها الفرقاء المتواجهون لمعاركهم ولاتجاهات التصويت فيها.ففي بيروت رفع رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، الذي دعا إلى مقاطعة الانتخابات البلدية، تحويل الانتخابات الاختيارية إلى استفتاء شعبي على تصوره الخاص بتقسيم بيروت إلى دوائر انتخابية عدة في الانتخابات البلدية أسوة بالانتخابات النيابية، ليصبح بإمكان الصوت المسيحي أن يوصِّل ممثليه إلى مجلس بلدية بيروت.
وبالاستناد إلى النتائج التي أفرزتها صناديق الاقتراع فإن العماد عون لم يلقَ التجاوب الشعبي الذي كان يأمله ويراهن عليه، ذلك أنه خسر الانتخابات الاختيارية في منطقة الأشرفية بنتيجة 12- صفر في مواجهة اللائحة المدعومة من قوى 14 آذار. كما خسر في منطقة الصيفي بنتيجة 4-صفر. في حين فاز بخمسة مختارين في منطقة الرميل في مقابل خمسة آخرين لقوى 14 آذار ومختارين لحزب الطاشناق المتحالف مع التيار الوطني الحر. وبذلك تكون قوى 14 آذار قد فازت بـ21 مختاراً من أصل 28، في حين فاز العماد عون بخمسة مختارين وحزب الطاشناق بمختارين اثنين. أما منطقة المدور التي تضم ثمانية مختارين فقد فاز مرشحوها من دون معركة تُذكَر على خلفية توافق حكم تلك الدائرة، بحيث توزع المقاعد الأرمنية حزب الطاشناق (6 مخاتير) وحزب الهانشاك (مختاران اثنان) وتيار المستقبل (مختار)، وحزب الكتائب (مختار)، وفاز أحد المستقلين المسيحيين، ومرشح شيعي.أما في زحلة فقد واجه العماد عون النائب السابق إيلي سكاف، الذي يعتبر أن زحلة لا تريد الأحزاب، بشعار استفتاء أبناء المدينة في شأن حضور التيار الوطني الحر من خلال ترشيح المهندس أنطوان أبي يونس، الذي حصل على ما يقارب الستة آلاف صوت من أصل نحو ثلاثين ألف ناخب، وهو ما يعني أن التيار الوطني الحر لا يحظى بأكثر من عشرين في المئة من التأييد في زحلة، علما أن هناك مَن يؤكد أن الأصوات الستة آلاف جاء أكثر من نصفها نتيجة لعملية التبادل غير المعلنة بين التيار الوطني الحر وعدد من المرشحين على اللائحتين المنافستين لقوى 14 آذار.وبذلك يرى المراقبون أن الجولة الثانية لم تأتِ بإيجابيات سياسية للعماد عون الذي أظهرت صناديق الاقتراع أنه غير قادر على تحقيق أي فوز من دون التحالف مع الطاشناق في بيروت، ومع النائب السابق إيلي سكاف في زحلة، ومع تيارات وأحزاب سياسية أخرى في البقاع الغربي. أما بالنسبة إلى قوى 14 آذار فقد أثبتت صناديق الاقتراع أنها لاتزال تحظى بتعاطف شعبي واسع ترجم فوزاً في بيروت، غير أن سوء إدارة أحزابها وقياداتها للعملية الانتخابية في زحلة شتت أصواتها على لائحتين مما حرمها فوزاً ساحقاً في زحلة أسوة بفوزها في انتخابات مخاتير بيروت.وفي الوقت ذاته، فإنّ ما لم يتمكن التيار الوطني الحر من تحقيقه منفرداً في مواجهة النائب الياس سكاف، حققته القواعد الشعبية لقوى 14 آذار التي وإن توزعت أصواتها على لائحتين مما أدى إلى خسارة المعركة البلدية والاختيارية، فإنها أثبتت أن شعار سكاف القائل، إنه لا مكان للأحزاب عند أبناء زحلة، غير صحيح.وفي البقاع الغربي، خرج تيار المستقبل بأكثر من نكسة نتيجة تمكُّن خصومه السياسيين على الساحة السنية من تحقيق اختراقات انتهت بفوز هؤلاء الخصوم بأكثر من بلدية أساسية.ووصلت "النكسات" إلى تحالف أمل - حزب الله الذي تواجَه مع تحالفات عائلية في أكثر من بلدة بقاعية. غير أن نتيجة بلدة اللبوة التي فاز فيها خصوم الحركة والحزب بكل مقاعد المجلس البلدي تعتبر النتيجة الأكثر تعبيراً عن وجود "خلل" ما في العلاقة بين الثنائي الشيعي والقواعد الناخبة.وفي المحصلة، فإن حسابات الربح والخسارة تبقى مرة جديدة مسألة نسبية بالنسبة إلى الأحزاب والقوى السياسية التي غالبا ما تأبى الاعتراف بالهزيمة، وهي تبحث باستمرار إن لم يكن عن "أرباح" وهمية، فعلى الأقل عن أسباب تخفيفية لخسائرها.