مجموعة مؤشرات تشير في اتجاه التخطيط لانقلاب جديد على الدستور، أما أهم تلك المؤشرات فهو عودة الحديث عن إقرار ميزانية تعزيز الدفاع، وهي تلك الميزانية التي كنت قد أشرت إليها في مقال سابق في هذه الزاوية بتاريخ 23 فبراير 2009. كانت العدة حينئذٍ قد تم تحضيرها لحل غير دستوري، لكنْ تمّ التراجع عنه في اللحظات الأخيرة أو في الساعة الثانية عشرة إلا خمس دقائق.

Ad

ميزانية التعزيز حسب دراستي لها ارتبطت عبر السنين بالانفراد بالسلطة. ومن ضمن هذه المؤشرات المقال الهام الذي أتحفنا به الشيخ فهد سالم العلي يوم أمس الأول، والذي أكد فيه على أنّ الأسرة الحاكمة اليوم هي غير الأسرة سنة 1986 عندما تم تنفيذ الانقلاب الثاني على الدستور، كان مقالاً له أهميته ففيه إقرار بفشل إسقاط الدستورمن المعادلة وفيه إيضاح لعدم تماسك الأسرة تجاه الموقف من الدستور، وفيه تأكيد على أن الموقف القادم لن يكون كما سبق.

ويأتي من ضمن هذه المؤشرات تصريحات لنواب محسوبين على أطراف في الحكومة، بأنه لن يكون هناك دور انعقاد قادم لمجلس الأمة، كما يأتي من ضمنها حملة التصعيد ضد النواب الذين يستخدمون حقهم الدستوري في الاستجواب مقابل حالة عجز حكومية، كما يأتي من ضمن تلك المؤشرات حملة التصعيد من شيوخ ضد شيوخ لم تعهدها البلاد من قبل.

وعلى أية حال فالخلافات داخل الأسرة ليست جديدة وقد كتبت عنها وفصلت وسأستمر بإذن الله لإيضاح طبيعة التفاعل في مفاصل العملية السياسية. كان ذلك واضحاً منذ تولى الشيخ عبدالله السالم رحمه الله الحكم في سنة 1950 وكيف أن تلك الخلافات أعاقت انتخابات المجالس المتخصصة سنة 1951، وظهور أزمة مماثلة عام 1954، وكذلك في فعاليات اللجنة التنفيذية العليا سنة 1954، وأزمة 1956 و1958 و1959، وأزمة 1964، و1965. بل إنه حتى تزوير انتخابات 1967 كان أحد أهم أسبابها تحجيم أحد أفراد الأسرة، والتي كان مهندسوها خبراء عرب في التزوير ومنفذها وكيل وزارة الداخلية، بل إنه حتى الانقلاب الأول على الدستور عام 1976 كان وراء جزء أساسي منه خلاف داخل الأسرة، وحتى تعديل الدوائر من عشر إلى 25 سنة 1981 كان لذلك ضلع فيه، وكذلك كانت عملية تولي ولاية العهد بعد وفاة أمير البلاد الشيخ صباح السالم رحمه الله. فقط عندما تراجعت الخلافات، تمكنت الكويت بقيادة عبدالله السالم من صياغة الدستور.

مخطط القضاء على الدستور بدأت عناوينه الرئيسية تطفو على السطح. نتمنى أن لا يدفع باتجاهه المستهترون، في سبيل تحقيق شهوة الانفراد بالسلطة. فقد تم تجريب ذلك الأمر مرتين في 1976 و1986، وحينئذٍ كانت السلطة أكثر تماسكاً، ومع ذلك فقد نتج عنها كوارث أثبتت بالدليل القاطع أن العلة ليست في الدستور، والعلة ليست في مجلس الأمة، بل في الإدارة المطلقة للشأن العام، فما بالك اليوم وحال السلطة لا يسر عدواً ولا صديقاً.

إن صدقت هذه المؤشرات، فنحن أمام محنة أشد وأنكى من تجربتينا السابقتين.

فليتحمل كل منا مسؤوليته، وعسى الله أن يحفظ البلاد من كل مكروه.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة