أحلام الحكومة... و طناش معالي الوزيرة

نشر في 11-10-2009
آخر تحديث 11-10-2009 | 00:00
 عبدالمحسن جمعة جو الخريف في الكويت بديع خصوصا بعد انتهاء موسم «اللاهوب» الصيفي لمن يعيشه كاملا دون سفرة تمثل وقتا مستقطعا من حمام «الساونا» الكويتي الطبيعي الجميل على قلوب «المعترين» من أمثالنا، والذين لا يستطيعون تحمل نفقات السفر وتكاليفه الباهظة سنويا، ولكن الظاهر أن طقس ليالي شهر أكتوبر الجميلة قد أثر إيجاباً على حكومتنا الرشيدة، وأطلقت عنان نشاطها فأخذت تتمتع بنسائم «البراد» الليلية لتعقد اجتماعاتها مساء بكثافة لتنجز برنامجها ذي المشاريع التنموية الكبرى التي ستسوقها على الورق في برنامج عملها الذي ستقدمه إلى مجلس الأمة قبل نهاية الشهر الجاري.

ويبدو أن نسائم «البراد»، والمنظر الشاعري للبحر ليلا من «السيف» جعل الحكومة أثناء اجتماعاتها تغرق في حالة من النشوة الوردية، التي تنقل من يعيشها إلى أوهام أحلام اليقظة التي لا تجعله يتحسس الواقع من حوله وحقائقه، فالحكومة صاحبة «الميغا مشاريع» لم تسأل نفسها، وهي تقر تلك المشاريع الكبرى- التي أقرتها عدة مرات سابقا- عمن سينفذها؟ هل وزارة الأشغال العامة الغارقة في مأساة محطة مجاري مشرف وهبوط الأرض في محطة العقيلة، وفصول استاد جابر الهزلية، وهي الوزارة التي يستغرق أيضا تصميم مبنى اعتيادي عامين كاملين لديها؟ أو بلدية الكويت التي تُسرق ملفاتها الحساسة في وضح النهار من مكاتبها؟ أو إدارة الطيران المدني التي تتحدث عن إنجاز قاعة مسافرين مؤقتة لاستيعاب الزحام الشديد في مرافقها في عام 2012؟!

قصة اجتماعات الحكومة المكثفة والمسائية لإنجاز مشاريع البلد المعطلة أصبحت عادة مكررة منذ سنوات طويلة كلما استحكمت حالة التذمر والسخط لدى العامة، ومن يرجع إلى الأرشيف سيجدها متكررة دون فارق أو إنجاز، وتنتهي كل مرة إلى لا شيء، فلا يوجد في البلد إدارة وسطى قادرة على التنفيذ، فمشروع مستشفى جابر أوقف بتوصية من وكيل وزارة الأشغال العامة المهندس عبدالعزيز الكليب العام الماضي بحجة التوفير وإعادة طرحه مرة أخرى ليتضح أن المبلغ الذي وفره هو 16 مليون دينار تقريباً من أكثر من 320 مليون هي القيمة الإجمالية للمشروع، وهو مبلغ لا يساوي الضرر والكلفة الاجتماعية والسياسية لتعطيل المشروع الذي وضع سمو أمير البلاد حجر أساسه منذ سنوات، والمفجع أنه حتى الآن لم توقع وزارة الأشغال عقد تنفيذه منذ ترسيته الأخيرة في يوليو الماضي، ونفس الحالة ستتكرر مع عدة مشاريع أخرى، منها مشروع ميناء بوبيان الذي يراوح بين لجنة المناقصات المركزية ووزارة الأشغال منذ سنين، وجسر الصبية الذي يتجول بين اللجان الوزارية كالتائه في القفار، ومشروع مترو الكويت المنجزة تصاميمه منذ عامين ولا يجد طريقه إلى جدول أعمال مجلس الوزراء لإقراره بشكل نهائي، ومدينة الحرير وتوسعة المطار، وعشرات المشاريع الأخرى التي تحتاج إلى قرارات التنفيذ والإدارة القادرة على القيام بها.

لذلك فإن اجتماعات الليالي الخريفية الجميلة وما تحمله من أحلام وردية لن تقنع أحدا بشيء لأن الشعب الكويتي، حتى المقيمين فيها عاشوها مرارا سابقا، وأسماء المشاريع التي ستحملها قد سمعها الناس عشرات المرات سابقا، ولن يقتنع بإمكانية إنجازها سوى من يريد مسكّناً ليمر من حالة الإحباط والتذمر الحالية أو من يريد أن يريح ضميره مؤقتا من ذنوب سوء إدارة البلد أو تعطيله لها لأجل مشاريعه السياسية الخاصة العبثية، لأنه دون عمل جدي لإيجاد دماء جديدة في الإدارة الوسطى الحكومية، فإن الناس «ستقبض من دبش» وستصحو من أحلام اليقظة الحكومية على واقعهم الجامد والمرير دون أي تغيير حقيقي أو إنجاز ملموس.

***

الإخوة أولياء الأمور والطلبة والطالبات الذين نقلت في مقالتي الأحد الماضي شكواهم الوجيهة حول قضية مهمة تتعلق بوزارة التعليم العالي وتحديدا بالبعثات الخارجية وعلاقتها بمستقبل العديد منهم، وردا على اتصالاتكم ورسائلكم النصية القصيرة والرسائل الإلكترونية العديدة التي استلمتها حول رأي معالي الوزيرة د.موضي الحمود في الشكوى، أبشركم بأنها لم تقرأ المقالة!! علما أن أهم واجبات من يعمل في الشأن العام أن يطلعه طاقم مكتبه على ملخص يومي لكل ما يتعلق به وبمهامه ومجال عمل وزارته في وسائل الإعلام المختلفة، ولكن يبدو أن معاليها لا تقرأ إلا لفئة مصنفة لديها، أو أن هناك قصورا فادحا لدى إدارة مكتب معاليها، وبسبب تعاطفي الشديد مع ما سمعته من الأهالي والطلبة بما يخص الشكوى، ورغبتي في نشر رد في مقالتي اليوم يريحهم لكونها ذات طابع مستعجل، بادرت الأربعاء الماضي بالاتصال بالوزيرة الحمود التي قالت إنها لم تقرأ الشكوى... ووعدت بقراءتها على «النت» والرد قريبا، ولكن معاليها «طنشت» وتجاهلتنا، وستفتح وزارة التعليم العالي اليوم خطة البعثات (الشواغر)، دون الالتفات لشكواكم، ومع أسفي الشديد أقول لكم: مالكم بعد ذلك يا جماعة غير أن تبحثوا عن نائب أو أكثر ينقل شكواكم لعل معاليها تستمع له... ويكون لديها وقت لتقرأ وقائعها وتفاصيلها.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top