معاناة الطلبة المتفوقين!
![د. حسن عبدالله جوهر](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1499151557547559900/1499151557000/1280x960.jpg)
ومن جانب آخر يفترض أن تقوم الجهات المعنية وعلى مستوى مجلس الوزراء بإنشاء جهاز يتابع النخبة الفائقة من خريجي الثانوية سنوياً، ولنقل من حصل على معدل امتياز أو 90% من مجموع الدرجات، على أن تكون مهمة هذا الجهاز وضع هؤلاء الطلبة تحت المجهر لمواكبة خطواتهم المستقبلية سواء في نوعية الجامعات التي يلتحقون بها، حيث إن طموحاتهم في الأغلب تقودهم إلى الانتساب للجامعات العالمية المرموقة، أو نوعية التخصصات العلمية التي يختارونها وتذليل العراقيل التي قد تواجههم في هذا الطريق الصعب.فهناك أعداد مهمة من هؤلاء الطلبة قد تتهدد حياتهم المستقبلية أو مصير تحصيلهم العلمي لأسباب تافهة، وقرارات أكثر تفاهة من قبل بعض المسؤولين من قبيل حاجة الطالب إلى مدة أطول من فترة الدراسة، نظرا لطبيعة الدراسة في الجامعة المرموقة التي يلتحق بها، أو لرغبته في تغيير تخصصه العلمي، أو للتعثر الدراسي بسبب صعوبة المنهج في كليته المتخصصة، ولا نقصد هنا خرقا للوائح أو القوانين للبعض دون البعض الآخر إنما وضع نظم دراسية خاصة لبعض التخصصات الدقيقة والجامعات العالمية النادرة ضماناً لمخرجات وطنية مهمة ومتميزة.فلا يعقل وفق أبسط قواعد العدالة والإنصاف والمنطق أن تشطب حياة إنسان في غاية الذكاء، ويحرم من استكمال دراسة الطب مثلاً لأنه ارتكب ذنباً والتحق بجامعة عريقة في كندا أو الولايات المتحدة أو بريطانيا، في حين يسمح لزميل له التحق بإحدى الدول التي تحوم حولها كل أنواع الشبهات الأكاديمية بأن يتخرج دون عناء ويصبح رمزا في المجتمع. ومن ناحية أخرى فإن المعاناة الكبرى لهؤلاء الفائقين تكمن في حالة تخرجهم، وبأعلى الدرجات، ومن أقوى المعاهد والجامعات، عندما يعودون إلى بلدهم، فإذا بالطيور قد طارت بأرزاقها، ويكون التعيين في المكان المناسب لمكانتهم العلمية وتميزهم الأكاديمي وفقاً لنظام المحسوبية والواسطة، ولا نحتاج لسرد الأمثلة على ذلك لأنها تعكس واقعنا اليومي.ولهذا فإن مثل هذا الجهاز الخاص بمتابعة هذه النخبة ضروري لبيان هل بالفعل الاستثمار البشري يشكل أولوية في مجتمعنا؟ وهل يترجم طموحات وشعارات الحكومة خصوصاً في مجال التنمية؟ وهل تستمر بتحفيز شبابنا للتفوق ثم الالتحاق بالمراكز العلمية المتفوقة أملاً في الفوز بمناصب متفوقة بيدها صنع القرار؟ أم نحوّل التفوق العلمي فقط إلى مجرد صور في الصحف سرعان ما يطويها سجل الإهمال والنسيان؟! كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة