ما الذي يريدونه؟!
لا أحلى على قلوب الإسرائيليين، وخصوصا الآن وهناك اقتراح سويدي سيطرح، من أن يقول قائد في "حماس" هو صلاح البردويل وبالحرف الواحد بلا زيادة ولا نقصان: "نحن لا نؤمن بحل الدولتين، ولا نؤمن بالدولة الفلسطينية، ولا نؤمن بالدولة الأخرى التي أقيمت على أرض فلسطينية، ولا نعترف بها، ولذلك فترسيم الحدود عملية من دون معنى وليس لها أي رصيد ولا حقيقة على الأرض!". ألا يؤمن صلاح البردويل بالدولة الأخرى، التي هي إسرائيل، التي أقيمت على أرض فلسطينية، ولا يعترف بها لا هو ولا حركته هذا مفهوم ومعروف، وربما ضروري، إذ حتى "فتح"، التي هي صاحبة السلطة الوطنية لا تزال تصر على عدم الاعتراف بالدولة الإسرائيلية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى كل الفصائل الأخرى المنضوية تحت جناح منظمة التحرير التي خارجها والتي لها وجود في الداخل والتي هي مجرد قيادات بلا قواعد، وتستمتع برغد العيش في بعض العواصم العربية.
أما أن يقول هذا البردويل، لا فُضَّ فوه، إن "حماس" لا تؤمن بحل الدولتين ولا تؤمن بالدولة الفلسطينية فإن السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان فوراً هو: إذاً بماذا تؤمن هذه الحركة إن هي لا تؤمن بالدولة الفلسطينية... وهل المقصود هنا هو أن هدفها، حتى على المدى القريب، إقامة دولة الخلافة الإسلامية، ولكن على أساس ولاية الفقيه ووفقاً لتعاليم الإمام الخميني رحمه الله الرحمة الواسعة...؟! إن هذا الذي قاله صلاح البردويل باسم حركة حماس ونيابة عنها يتناقض مع ما كانت قالته هذه الحركة مرات عدة بأنها تريد دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو عام 1967، ولكن ويلاحظ أن هذه "اللاكن" تأتي كجملة معترضة في موقف حركة المقاومة الإسلامية، من دون الاعتراف بالدولة الإسرائيلية، وهنا فإن ما يتبادر إلى الذهن فوراً هو أنه إذا كان بالإمكان إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو عام 1967 فلماذا يا ترى التوقف عند هذه الحدود، ولماذا لا تستكمل المعركة حتى تحرير كل فلسطين من البحر إلى النهر، ومن رفح حتى الناقورة...؟! والمؤكد أن هذا الذي قاله البردويل لا هو موقفه ولا موقف "حماس"، فموقفهما الصحيح هو القبول بدولة بحدود مؤقتة وبهدنة تمتد من خمسة عشر إلى عشرين عاماً، ولهذا فإن المقصود هو المشاغبة على المساعي التي تبذلها منظمة التحرير لإلزام العالم بدءاً بدول الاتحاد الأوروبي بالاعتراف بحدود الرابع من يونيو عام 1967 حدوداً دائمة للدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. إنها مجرد مشاغبة والمعروف أن "حماس" كانت شاركت في آخر انتخابات تشريعية، وفازت بها مع أن هذه الانتخابات جاءت كإحدى مخرجات اتفاقيات أوسلو المعروفة، وأنها تحكم في غزة باسم السلطة الوطنية التي هي الابنة الشرعية لهذه الاتفاقيات، ومع أنها أيضاً تنتظر على أحر من الجمر أن يتنحى محمود عباس (أبومازن) عن الرئاسة الفلسطينية ليأخذ أحد قادتها عبدالعزيز الدويك، باعتباره رئيس المجلس التشريعي، مكانه وكل هذا مع أن هذه الرئاسة الفلسطينية هي تجسيد لانخراط الفلسطينيين في العملية السلمية. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة