اللام والألف حرفان لهما مكانة عظيمة في اللغة العربية، خصوصا إذا أتيا مجتمعين، فإن سبقت الألف اللام وجاءتا حسب ترتيبهما في الأبجدية فهما أداة تعريف يفوق المعرف بها غيره من أنواع المعرفة منزلة وقوة، وإن سبقت اللام الألف فهي لا الناهية والرافضة والنافية، وهي أشهر «لا» ينطق بها ملايين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها عند قولهم «لا إله إلا الله» فتنفي الألوهية لغير الله سبحانه وتعالى نفيا مطلقا لا شك فيه.
وهناك «لا» الناهية التي مجدها الشاعر العربي حين قال:لا تنه عن خلق وتأتي مثلهعار عليك إذا فعلت عظيمأما «لا» الرافضة فهي أشهرها على الإطلاق، وقد استعملها العرب قديما وحديثا في مواضع كثيرة في الجد والهزل في الحب والغزل، فقال فيها ابن حزم:كم استلذ عذابي فيك يا أمليولست عنك مدى الأيام أنصرفإن قيل لي تتسلى عن مودتهفما جــوابي إلا اللام والألفوعودة إلى «لا» التي نتحدث عنها اليوم فهي «لا» الرافضة لأوضاع سياسية، الرافضة لظلم الطغاة، الرافضة لفساد الحكام، «لا» التي كلفت الكثيرين حياتهم وسنوات عمرهم، واليوم نقولها «لا» قوية وكبيرة... عالية وصريحة فى وجه «كذابي الزفة وحملة المباخر وضاربي الدفوف» من إعلاميي الحزب الحاكم الذين حاولوا استغلال التعاطف الشعبي الإنساني مع الرئيس مبارك وتصويره على أنه تأييد لسياسته ودعم لحكمه، لا يا سادة وألف «لا»!إن المشاعر التي أظهرتها الملايين من الشعب المصري تجاه وفاة حفيد الرئيس هي مشاعر إنسانية لا علاقة لها بالسياسة أو بأسلوب الحكم وفساده، فهو تعاطف يرتبط بقسوة الموت وبراءة الأطفال، ولو حدثت هذه الوفاة لأي شخص لحصل نفس السلوك والتصرف، فلا تحاولوا خداع الشعب كما خدعتم أنفسكم، وتدّعوا زورا وبهتانا أن ما حدث هو استفتاء جديد تلقائي على شعبية الرئيس مبارك وشعبية حزبه!!إن تلك المحاولة الساذجة المفضوحة لن تخدع أحداً، ويكفي أن تراجعوا أشهر العبارات المتداولة بين أبناء الشعب عندما علم بالوفاة «الموت مفيهوش شماتة» فبالله عليكم ماذا يعني هذا؟ ومتى تقال هذه العبارة؟هل تقال لإنسان صديق تعتز به وتوافقه رأيه؟ وهل تقال لحاكم تؤيد سياسته وحكمه؟ أم تقال لشخص تختلف معه وترفض سياسته وتربأ بنفسك أن تستغل معاناته في فقده لحبيبه لتظهر خلافاتك معه وتبدي فرحك لما أصابه؟!لا يا سادة إن الخداع الذي تمارسوه والإيحاء بأن الشعب يؤيد سياسة مبارك، وأن التعاطف معه تأكيد لهذا التأييد هو خداع مرفوض مفضوح فلا داعي له، فالتعاطف الإنساني شيء والاختلاف السياسي شيء آخر تماما***التنازل عن القضايا ضد السيد سعد الدين إبراهيم أسعد الكثيرين، ونتمنى أن يكون نهجا جديدا للحكومة والنظام الحاكم، وليس ترتيبا من ترتيبات زيارة سريعة ستتم قريبا.
مقالات
اللام والألف
05-06-2009