في الرابع عشر من الشهر الحالي ستحسم المحكمة قضية هامة ومحورية في استكمال حقوق المرأة، فالقضية المرفوعة هي بداية طريق طويل في سبيل إقرار حق المرأة في تولِّي القضاء. ويحق في هذا المجال التنويه بالجهد الكبير الذي تبذله المحامية عنود الهاجري في التوعية بأهمية إنهاء هذه المسألة.
المؤسف في الأمر هو النص الذي تقدمت به إدارة الفتوى والتشريع، وهي محامي الحكومة، لمحاربة المساواة بين المرأة والرجل كما نص على ذلك الدستور، بل إن مَن أعد تلك المذكرة التي نشرَتْها يوم أمس الأول الزميلة «القبس»، لا يبدو أنه يعرف أساساً أن هناك وثيقة صدرت في 11 نوفمبر 1962 اسمها دستور دولة الكويت، كما يبدو أنه يجهل أن الكويت قد صادقت على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وأن تلك المصادقة قد أقرها مجلس الأمة، وبالتالي تصبح قانوناً محلياً. يتضح لنا في النص الذي نشرته «القبس» أن هناك حكومتين في البلد، وربما أكثر، فالحكومة العلنية برئاسة سمو الشيخ ناصر المحمد، تتشدق ليل نهار بمكانة المرأة وبمحافظتها على الدستور، والتزامها بالمساواة، وتقوم حكومة أخرى باسم الفتوى والتشريع بالاستناد على فتاوى لنقض المبادئ الدستورية الراسخة، فهل نُصدِّق حكومتنا الرشيدة أم نصدق محاميها؟ وبِمَ سيرد ممثل الحكومة على المجتمع الدولي في جنيف في منتصف شهر مايو المقبل؟ هل سيقول إن ذلك كان خطأ مطبعياً مثلاً؟ ويرتكز دفاع الحكومة الفقهي، وليس القانوني، على أن القضاء ولاية عامة، ويعيدنا مرة أخرى للمربع رقم واحد، إلى ذات النقاش والجدل الذي دار حول حقوق المرأة السياسية، بل إن مذكرة الدفاع ترى نصاً أنه «بتصفح التاريخ الإسلامي لم تُوَلَّ المرأة أمر القضاء» وفي ذلك سذاجة أو تظاهر بالسذاجة، فمن يتصفح التاريخ الإسلامي أيضاً لن يجد ديمقراطية، ولن يجد دستوراً يفصل بين السلطات، ما يجعل مفهوم الولاية العامة غير قائم على الإطلاق، حتى الحاكم ذاته صلاحياته مقيدة ومحددة. نتفهم جيداً أن هناك فتاوى مختلفة تعبر عن اجتهادات ورؤى مختلفة، ومكانها في أحسن الأحوال إدارة الإفتاء بوزارة الأوقاف، وهي غير ملزمة إلا لمن يريد تطبيقها، ولكن أن يصدر نص دفاعي عن محامي الحكومة بهذه الصورة، فهناك تناقض بين ما تقوله الحكومة وبين ما تفعله. إدارة الفتوى والتشريع تأسست سنة 1960، ولعبت دوراً أساسياً في إصدار البنية التحتية للتشريعات الكويتية، كما أنها مثلت بجهدها المتميز حجر الزاوية للكويت المستقلة بسيادة القانون، ولكن يبدو أنه، من خلال هذا النص الدفاعي، من الأفضل لإدارة الفتوى أن تنقل إلى وزارة الأوقاف، أما التشريع فالحكومة ومحاميها عنه في سبات عميق.
أخر كلام
فتوى بلا تشريع!
07-04-2010