«تشريعية المجلس» ضمت «التحقيقات» إلى النيابة... وقضاة يتحدثون عن شبهة عدم الدستورية
الدستور أكد تحقيق «الأمن العام» في الجنح والاستثناء كان للفصل وليس مرتبطاً بفترة معينة
قرار اللجنة التشريعية والقانونية في مجلس الامة حظي بردة فعل معارضة من قبل السلطة القضائية، لأنه مخالف للدستور وسيعمل على إرهاق السلطة القضائية والمجتمع.
حظي قرار اللجنة التشريعية والقانونية في مجلس الأمة بضم الإدارة العامة للتحقيقات إلى النيابة العامة بردود فعل قانونية واسعة، ففي الوقت الذي أعلن المحققون سعادتهم بقرار اللجنة التشريعية، الذي يعد انتصارا لهم، لقي القرار ردة فعل واسعة داخل السلطة القضائية، إذ اعتبرته مراجع قضائية عليا أنه يحمل شبهة دستورية واضحة، وذلك لأن الدستور أسند مهمة التحقيق في قضايا الجنح وبشكل واضح وصريح إلى جهة الأمن العام والشرطة، وهي وزارة الداخلية، وبالتالي فإن إقرار مثل هذا القانون سيعد مخالفة صريحة لنصوص الدستور، فضلا عن المشاكل التي سيحدثها القانون بعد إقراره على جهاز النيابة العامة الذي لن يكون بمقدوره أن يتحمل هذا العبء الكبير على حد قول المراجع العليا. وبينت مصادر قانونية أن الدستور نص على اختصاص النيابة العامة بالتحقيق في كل القضايا،لكنه استثنى بشكل صريح قضايا الجنح بأن عهد لجهة الأمن العام التحقيق فيها، وهذا الاستثناء لم يكن مرتبطا بفترة زمنية معينة، وإنما هو استثناء دائم وواضح بحسب نصوص الدستور لجهة الأمن العام.وقالت المصادر إن لجنة الإعداد للدستور لدى مناقشتها هذه الجزئية رأت أن على النيابة العامة التحقيق في قضايا الجنايات لأهميتها وخطورتها على المجتمع وأن الوضع الاجتماعي الذي تعيشه الكويت والعادات والتقاليد لا يتحمل دخول النساء أو كبار السن لدى ارتكاب حادث بسيط إلى النيابة العامة وتم الاكتفاء بتحقيق جهة الأمن العام في قضايا الجنح البسيطة والتي قد تنتهي أحيانا بالصلح الذي يعرضه أغلب المسؤولين على مراكز الشرطة بين طرفي النزاع.نجاح المحققينوعلى الرغم من نجاح قضية الضم في وجهة نظر محققي الإدارة العامة للتحقيق، بعدما أعلنوا الأسبوع الماضي اللجوء إلى لجنة العرائض والشكاوى في مجلس الأمة لتقديم شكوى بحق الوزير إزاء الممارسات بحق الإدارة والتدخل الصريح في عملها، على حد البيان، الذي تم استصداره من قبلهم والشكوى المقدمة إلى لجنة العرائض والشكاوى، على الرغم من ذلك نجحت حملة التواقيع كذلك التي قام بها المحققون في تحريك ملف الترقيات للمحققين والتي وحسب المصادر انتهت بطلب من وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد بالاستمرار في ترقية المحققين المستحقين لها.الاعتراض القضائي وعودة الى ملف الاعتراض القضائي فقد كشفت مصادر قضائية لـ"الجريدة" عن سلسلة من إجراءات سيقوم بها الجهاز القضائي نحو إيصال وجهة نظر المجلس الأعلى للقضاء الذي سيناقش القضية قريبا، ومناقشة البدائل للتعامل مع ملف الإدارة العامة للتحقيقات، وتأكيد عدم قضائية الإدارة وتأكيد أنها تابعة لوزارة الداخلية، فضلا عن الإشارة إلى أمرين هما عدم إمكانية تحقيق النيابة العامة في كل الجرائم، التي من بينها حتى المرور، والتي سيكون لها ردة فعل شعبية بسبب إقحام قضايا الناس ومشاكلهم اليومية بكل درجاتها بالنيابة العامة،فضلا عن إبعاد دور المخافر في الصلح بين الناس قبل تقييد القضايا، وهو ما يتعارض مع طبيعة النيابة العامة التي تمارس التحقيق مباشرة ومن دون مقدمات مع أطراف القضية، والأمر الآخر عدم إمكانية تعامل النيابة العامة مع ملف المحققين الذين ينتمي بعضهم الى الجهاز العسكري، ومع آخرين لم يعملون في العمل القانوني وإنما عملوا لفترة طويلة بالعمل الإداري والإشرافي وعدم قدرة جهاز النيابة العامة على استيعاب عدد المحققين الحالي.مشاكل التحقيقاتولفتت المصادر إلى أن الإدارة العامة للتحقيقات تعاني مشاكل داخلية يتعين على الوزارة تداركها وحلها والسلطة القضائية بذلت المساعي مع المسؤولين في وزارة الداخلية للعمل من أجل هذا الهدف، وبالفعل وافق المجلس الأعلى للقضاء على تشكيل لجنة قضائية برئاسة المحامي العام المستشار سلطان بوجرة وعدد من كبار المستشارين، وهي في طريقها الآن إلى تشخيص حال الإدارة ورفع التوصيات إلى وزير الداخلية.إرهاق القضاءوقــالت المصادر إن حــــل مشـــــــكلة الإدارة الــــــعـــــامـــــة لـــــلـــتحــــقيــــقـــات لا يكون بالتسبب في مشاكل أخرى سترهق السلطة القضائية في البلاد والتي لن يكون بمقدورها تحمل هذا العبء الكبير، فضلا عن أن الضم سيرهق المجتمع والذي سوف تكون فئاته يوميا في بلاط النيابة العامة على أدنى قضية تنظر.ومن المتوقع أن تشهد الأيام القليلة المقبلة تحركا لإنجاح ملف ضم الإدارة العامة التحقيقات إلى النيابة العامة من قبل المحققين الذين بدأوا التحرك لإدراج تعديلات اللجنة التشريعية بشكل سريع على جدول أعمال مجلس الأمة لإقراره، بينما ستعمل السلطة القضائية على بيان خطورة قرار الضم والإشارة إلى الخطأ الذي وقعت فيه اللجنة التشريعية من قرار الضم الذي انتهت إليه.