ليس لأن الجنرال ديفيد بترايوس قال هذا قبل أيام، بل لأن ما قاله هو واقع الحال، فـ "هيئة المساءلة والعدالة"، التي تشكلت بعد غزو العراق مباشرة، وفي ظروف غير هذه الظروف، أكدت بما يصل حتى حدود الأدلة الدامغة، وكأنها إحدى أذرع "فيلق القدس" التابع لحراس الثورة الإيرانية، والذي لم تعد تحتمل تدخلاته في الشؤون العراقية الداخلية، حتى بعض الاتجاهات والتنظيمات التي تعتبر نفسها ويعتبرها الآخرون ملتزمة بكل ما يريده الولي الفقيه في طهران.
لقد تصرفت هذه الهيئة، التي أُختير أحمد الجلبي رئيساً لها، تحقيقاً لرغبة طهران وانسجاماً مع تطلعاتها في العراق، ومنذ البداية على أساس طائفي ومن منطلق ثأري ليس ضد مخلفات النظام السابق وضد حزب البعث، وإنما ضد السنة العرب الذين لايزال هناك من يحمِّلهم وزر خمسة وثلاثين عاماً من حكم حُسب عليهم، مع أن ما طالهم على صعيد القيادات وعلى صعيد القواعد يتجاوز ما طال الآخرين بمئات المرات. كان الشيعة العرب يشكلون من قواعد حزب البعث وقياداته ما نسبته نحو 76 في المئة، وهذه مسألة إيجابية حتى بمقاسات هذه المرحلة المستجدة عراقياً وعربياً، لكن ومع ذلك فإن "هيئة المساءلة والعدالة"، التي لايزال يرأسها أحمد الجلبي، لم تستهدف إلا العرب السنة، وهذا لا يمكن فهمه إلا على أنه انسجام مع دور فيلق القدس التابع لحراس الثورة الإيرانية في العراق، وتلاؤم مع رغبة إيران في تمزيق هذا البلد العربي الذي لا يمكن أن يكون إلا عربياً على أسس مذهبية وطائفية. وهنا فإن ما يؤكد أن هذا الاستنتاج ليس تجنياً ولا افتعالاً لمشكلة وتحاملاً على "هيئة" أحمد الجلبي أن المفوضية العليا "المستقلة" في العراق قد بادرت، بينما غدت الانتخابات المقررة على الأبواب، إلى إلغاء تسعة كيانات سياسية، ليس بناء على توصية بل على أوامر من هذه الهيئة، جميعها من لون طائفي واحد من بينها الجبهة الوطنية للحوار الوطني التي يقودها النائب في البرلمان الحالي صالح المطلق. إنها ليست مصادفة وليست بلا أهداف ولا انحيازات طائفية أن تقتصر وجبة الإقصاءات الجديدة على لون طائفي واحد، يتمثل بالإضافة إلى الجبهة الوطنية للحوار الوطني، التي يتزعمها صالح المطلق، في حزب العدالة الكردستاني وكتلة كل العراق، والحركة الوطنية للإصلاح والتنمية، وتجمع السواعد العراقية، والتجمع الجمهوري العراقي، والمجلس الوطني لتجمع عشائر العراق، وتجمع الوحدة الوطنية العراقي، وكيان سعدي فيصل الجبوري. إن هذا فرز طائفي واضح، وانه يعود بالأذهان إلى البدايات، حيث أسس أحمد الجلبي ما يسمى بـ "البيت الشيعي"، وهذا يؤكد أن هناك إصراراً على تقسيم العراق على أسس طائفية، خدمة لأهداف إيران وتطلعاتها المصرح بها رسمياً من قبل كبار المسؤولين الإيرانيين في هذه المنطقة. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
أخر كلام
هيئة يديرها فيلق القدس
28-01-2010