هل يعقل بناءً على الحلقتين اللتين تم عرضهما من مسلسل «صوتك وصل» أن نؤمن أن «هيبة» أعضاء مجلسي الأمة والوزراء سيحددها برنامج تلفزيوني؟ وهل فعلاً تمثيل عضو ما في موقف فكاهي يفقد هذا العضو أو ذاك احترام الناس وتقديرهم؟

Ad

لست من المعجبين بقناة «سكوب»، ولي تحفظي الخاص على دورها في إثارة النزعات العنصرية أحياناً والطائفية أحياناً أخرى، وكذلك دعمها للحل غير الدستوري تحت شعار إيصال «صوت الشعب»، إلا أنني أرفض التوجه الرسمي و»الشعبي» لوقف مسلسل القناة الرمضاني «صوتك وصل» بعذر سخريته من «كبار المسؤولين».

وبغض النظر عن السند القانوني للمنع فهو غير دستوري، فدستورياً فقط الذات الأميرية مصونة وأي اعتبارات أخرى هي اجتهادات معظمها سياسي/اجتماعي لا علاقة له بالمنطق ولا بحرية التعبير التي ضمنها الدستور.

فحرية التعبير حدودها الضرر والإساءة، والضرر كما سبق أن ذكرت يتجسد في الغش أو الدعوة إلى العنف والإرهاب أو التمييز أو تسويق منتج غير مناسب للجمهور المستهدف (كتسويق التدخين للأطفال)، أو نشر معلومات يعلم الناشر بعدم صحتها، أما الإساءة فيقصد بها ما يثير الاشمئزاز والغثيان والصدمة لدى المتلقي العادي، وذلك ينطبق على العنف والجنس واللغة البذيئة وغيرها من القضايا التي قد لا يتحملها الإنسان المحافظ أو الحساس.

أما التعامل مع القضايا العامة بأسلوب كوميدي والسخرية من الشخصيات العامة، فلا ينطبق عليهما حد الضرر أو الإساءة على الإطلاق، فكون التشخيص يقع في واقع درامي ساخر فهذا بحد ذاته يرفع عنه الجدية وبالتالي الأذى، خصوصاً للجمهور الناضج، أما المنع حماية «لهيبة» هذا الشخص أو تلك المؤسسة فهو عذر واه وعلاج سطحي لمشكلة أعمق. فلا أحد يتعرض للسخرية اليومية مثل الرئيس الأميركي باراك أوباما ، فهو موضوع التندر الشيق لكل البرامج المسائية في الولايات المتحدة حتى تلك التي تدعمه، ورغم ذلك يبقى أداؤه وشخصيته العاملين الوحيدين في فرض أو فقد هيبته واحترامه وشعبيته.

وإذا عدنا إلى مسلسل «صوتك وصل» وبناءً على الحلقتين اللتين تم عرضهما فهل يعقل أن نؤمن أن «هيبة» أعضاء مجلسي الأمة والوزراء سيحددها برنامج تلفزيوني؟ هل فعلاً تمثيل عضو ما في موقف فكاهي يفقد هذا العضو أو ذاك احترام الناس وتقديرهم؟ من رأى أي حلقة انتهى بتقييم لها، إما فكاهية وذات رسالة، وإما سخيفة وسطحية، ولكن لا يمكن أن يخرج أي مشاهد بتقييم جديد لأي من الأعضاء الذين تم تقمص شخصياتهم إلا إذا كان من الخبل بحيث لا يعي الفرق بين الواقع والخيال.

إن الرعب من المسلسل لا علاقة له «بالذوق العام» ولا «الوحدة الوطنية» ولا «هيبة المجلس» إنما هو رد فعل ساذج على ما هو مختلف وما يتحدى حدود «حرية التعبير» الذي تم التعارف عليه، وهو خوف من ردود أفعال وصراخ بعض «الأعضاء» لا خوف عليهم. الأهم أنه اعتراف ضمني بهشاشة هيبة المجلسين بسبب أفعالها (أو قلتها) وعقليات أعضائهما التي لن تتحمل القشة الأخيرة، فرجاءً احترموا عقولنا وركزوا على واجباتكم!