انتخابات كردستان والامتحان الجديد للديمقراطية العراقية
الانتخابات في كردستان العراق، وما قبلها الانتخابات التشريعية العامة في العراق، ستدعم نظام الحكم الديمقراطي الجديد في العراق، مما سوف يترتب عليه دعم المجتمع الدولي بكل هيئاته لنظام الحكم الديمقراطي والنظام الفيدرالي في العراق، وهو من المكاسب الجديدة التي ستعود على العراق بمزيد من الاستقرار وانتشار الأمن لإنجاح مسيرة البناء في العراق الجديد.-1-
مهما قيل من تعليقات سلبية على الانتخابات النيابية والرئاسية في إقليم كردستان العراق التي جرت يوم السبت 25/7/2009 حيث بلغت نسبة المشاركة 78.5%، فإن الإيجابية التي ستبقى دائماً وأبداً، هي أن الشعب في كردستان العراق والكُرد في كل أنحاء العراق قد مارسوا حقهم الشرعي والطبيعي، باختيار نواب الشعب في برلمان الشعب. وهذه الآلية الديمقراطية التي نطلق عليها «الانتخابات» أو «اقتراع الشعب» أو «كلمة الشعب» هي المعيار الأبرز للديمقراطية في العالم الثالث، وفي دول الشرق الأوسط. وقال القاضي العراقي زهير كاظم عبود: إن «الانتخابات صفحة واحدة من الصفحات المعبرة عن القيم الديمقراطية ممارسة وسلوكاً». فما الجديد في الانتخابات الكردية بالنسبة لدول وشعوب الشرق الأوسط؟ وما الدرس الرشيد المستفاد من هذه الانتخابات؟-2-إن الدرس المستفاد من الانتخابات في إقليم كردستان العراق، يتلخص في النتائج التالية، التي أسفرت وستسفر عنها الانتخابات التشريعية، وأهمها:1- قرار الأحزاب الكردية المختلفة خوض الانتخابات في خمس محافظات بقائمة انتخابية واحدة. والمهم أن الحزبين الكرديين الرئيسن «الديمقراطي الكردستاني» «والاتحاد الوطني»، اتفقا على المشاركة بقائمة انتخابية واحدة، وتوقع حدوث تغيير كبير في السياسة الكردية نتيجة لذلك، كما توقع النائب العراقي حسام الغزاوي.2- سيطرأ تغيير كبير على التمثيل السياسي الكردي بسبب دخول وجوه سياسية جديدة وقوية للمنافسة الانتخابية، وستتغير المعادلة السياسية في الساحة الكردية، وسينعكس ذلك على السياسة العراقية عامة.3- تشير هذه الانتخابات إلى التقدم الذي حصل في المسيرة الديمقراطية العراقية، والذي شاهدناه في الانتخابات التشريعية الكردية.4- يقول بعض المحللين السياسيين العراقيين، إنه من المتوقع أن تؤثر نتائج هذه الانتخابات بشكل إيجابي على الانتخابات التشريعية العراقية القادمة لتلافي الأخطاء، وسوء الاختيار والتقدير، الذي تمَّ في الانتخابات التشريعية العراقية الأخيرة.5- إن الانتخابات التشريعية الكردية عامل استقرار سياسي مهم لبناء عملية سياسية صحيحة في العراق. 6- إن هذه الانتخابات كانت من بشائر ودلائل إسقاط الطائفية التي تتحكم الآن بالسياسة العراقية في بغداد، ففي هذه الانتخابات تم رفض هيمنة وسيطرة أحزاب بعينها على السلطة دون غيرها. فقد اشتركت معظم الأحزاب الكردية في هذه الانتخابات، إضافة للحزبين الحاكمين.7- أعلن فريق الإعمار الأميركي الإقليمي في إربيل عن النية لتقديم الدعم للأحزاب والقوى المشاركة في انتخابات إقليم كردستان، مشيراً إلى أن فرقاً تابعة للولايات المتحدة ستشارك في مراقبة انتخابات الإقليم. وأوضحت لويس تاملن رئيسة الفريق أن الفريق سيلعب دوراً كبيراً في دعم الأحزاب السياسية الكردستانية حول كيفية التعامل مع الانتخابات وإدارة الحملات الإعلامية بشكلها الصحيح، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تقوم بتدريب مراقبي الانتخابات حول أهمية حضورهم في مراكز الاقتراع كافة للتأكد من عدالة سير الانتخابات، وقد تم ذلك بيسر وسهولة، وهذا مكسب جديد للديمقراطية العراقية وكيفية ممارسة آلياتها.8- في هذه الانتخابات تمَّ السماح لمؤسسات دولية وعربية معنية بممارسة الرقابة على إجراء انتخابات نزيهة وضمان عدم حصول تزوير، وقام الاتحاد الأوروبي، ومنظمات الأمم المتحدة، والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، والمعهد الديمقراطي الوطني الأميركي NDI، والجامعة العربية بدور رقابي. وهذه الخطوة بادرة طيبة لسلوك الشفافية في الانتخابات القادمة في العراق ككل. وقد حضر نحو 45 ألف مراقب دولي ومحلي، من بينهم ممثلو الكيانات السياسية المشاركة في الانتخابات، ومندوبون عن منظمات المجتمع المدني إلى جانب عدد كبير من وسائل الإعلام الدولية والمحلية لمراقبة الانتخابات الكردية. ومن الجدير بالذكر أن الجامعة العربية، تراقب لأول مرة في تاريخها انتخابات في منطقة الشرق الأوسط، كما جرت في إقليم كردستان العراقي، وسوف توفر هذه الانتخابات الخبرة للأجهزة العاملة في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات النيابية العامة.9- إن هذه الانتخابات ستزيد من خبرة تجربة الإقليم الكردستاني في رسم معالم الحياة الاقتصادية، ووضع الخطط والوسائل التي تخدم الإنسان والمستقبل، كما ستزيد من حالة الوعي لدى المواطن، ومن حالات التفاهم والانسجام مع القاعدة الشعبية، وكذلك من تمتين الجسور والروابط بين جميع الكتل والشخصيات السياسية، مادام الهدف الكبير واحداً، وإن تعددت الطرق واختلفت الأساليب والوسائل، كما قال القاضي العراقي زهير كاظم عبود.10- إن الانتخابات في كردستان العراق، وما قبلها الانتخابات التشريعية العامة في العراق، سوف تدعم نظام الحكم الديمقراطي الجديد في العراق، مما سوف يترتب عليه دعم المجتمع الدولي بكل هيئاته لنظام الحكم الديمقراطي والنظام الفيدرالي في العراق. وهو من المكاسب الجديدة التي ستعود على العراق بمزيد من الاستقرار وانتشار الأمن لإنجاح مسيرة البناء في العراق الجديد.-3-وهكذا يمضي العراق الجديد، من خلال الحكومة المركزية، ومن خلال إقليم كردستان في البناء الديمقراطي، رغم ما يعترض طريقه من عقبات كثيرة، بفضل موقعه الجغرافي جوار دول دكتاتورية، لا تريد أن يكون العراق الجديد في جوارها، لكي لا يكون العراق الجديد ذلك النموذج الديمقراطي المحتذى. ولو كان موقع العراق وسط دول أوروبية كالدول الاسكندنافيه مثلاً لكانت أيام العراق الآن مختلفة كل الاختلاف.* كاتب أردني كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء