الاغلبية الصامتة : العراب يستجوب ومعصومة تستعد
رغم حالة «البغددة» السياسية التي غلبت على المشهد السياسي في الآونة الأخيرة، والتي أسفرت عن إنجاز حزمة من التشريعات المهمة، على رأسها خطة التنمية المليارية، فقد رشح عن بعض المرئيات قرب نهاية تلك الهدنة وبعضها ذهب إلى أن حل مجلس الأمة قادم لا محالة إذا أصرت الأغلبية النيابية على تمرير قانون إسقاط فوائد القروض في دور الانعقاد القادم.
وقد فسر كثيرون تلاشي الحماس النيابي لاستجواب وزير الإعلام- الذي فقد فعلياً التأييد النيابي لبقائه في منصبه- بأنه جاء بسبب رضوخهم للواقع السياسي الجديد الذي فرضته الحكومة مع سياجها النيابي المتين بعد جلسة الاستجوابات الشهيرة، بينما الواقع يؤكد أن مواجهة القروض المنتظرة ليست سوى التفسير الأسهل لأن ما يدور خلف الكواليس غير ذلك، حيث علمنا أن سبب الخدر السياسي المؤقت تجاه استجواب وزير الإعلام محركه المباشر هو رغبة النائب احمد السعدون لتقديم استجواب إلى سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد على خلفية موضوع الوحدة الوطنية كونه أخصب حقلاً وأجدى نفعاً من تضييع الوقت في مواجهات جانبية .وليس في هذا الخبر مفاجأة كبيرة لو رجعنا إلى كلام السعدون في مهرجان العقيلة نهاية العام الماضي حين زاد فيه على من تحدث قبله من نواب وشخصيات عامة وطلب تقديم ثلاثة استجوابات دفعة واحدة إلى رئيس الحكومة ووزيري الداخلية والإعلام بدلاً من مطالبة الرئيس بإقالة الخالد والعبدالله.وضمن هذا الإطار من الواضح أن النائبة الدكتورة معصومة المبارك هي أكثر النواب استعداداً لوقوع حل قريب لمجلس الأمة حيث دعت بالأمس القريب- وليس وزارة الداخلية- كل من تنطبق عليهم شروط الانتخاب رجالاً ونساءً ولم يسجل في جداول الناخبين، أن يسارعوا للتسجيل في مختارية مناطقهم قبل نهاية شهر فبراير الحالي وإلا- «ركزوا معاي»- سيخسر حقه في المشاركة في الانتخابات المقبلة.*** كلما سمعت بأن التجاوزات المالية الفلانية في الوزارة العلانية قد أحليت إلى النيابة العامة قلنا «سلامات محاسبة»، فقد تعلمنا من التجارب السابقة أن هذا الطريق هو الأقصر للتخلص سياسياً من هذه القضايا بعد أن تسلم أوراقها خالية من الدسم ليطويها النسيان أو تحفظ لعدم كفاية الأدلة.آخر من انضم إلى نادي «سلامات محاسبة» هي النائبة رولا دشتي التي علقت على ما أثير من وجود تجاوزات في مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية بالقول: «لقد شبعنا من أسطوانة أحلنا المفسدين والمتجاوزين إلى النيابة، وعلى الوزير البصيري استخدام صلاحياته دون مجاملة واتخاذ إجراءات إدارية حاسمة تجاه المتجاوزين في الكويتية «، بصراحة لا أستطيع إخفاء إعجابي بهذا الموقف الذي أعلنته دشتي، كما لا أستطيع أيضاً إخفاء ملاحظاتي عليه، فمن حيث المبدأ فإن الإحالة للنيابة العامة إجراء لا يستهان بضرورته إذا ما قدم متضمناً معلومات واضحة وأسماء صريحة لمن يتحملون المسؤولية المباشرة عن التجاوزات، وقد مرت النائبة رولا دشتي بتجربتين متلاحقتين مع استجواب وزير الداخلية، الأولى قد نعذرها فيها ونقول «أنقص عليها»، ولكن ماذا نقول عن المرة الثانية؟ بعد أن ثبت فيها أن قضية اللوحات دخلت نفق «سلامات محاسبة»، وستبقى فيه إلى ما شاء الله، وبهذه المناسبة أتمنى من النائبة أن توجه سؤالاً إلى وزير الداخلية تستفسر عن مسار القضية وأين وصلت؟الملاحظة الثانية التي أود أن تأخذها النائبة بعين الاعتبار وهي أن الجرأة الحكومية على الإحالة الشكلية للنيابة العامة، لم تنبع من فراغ ولكنها جاءت من التسابق والاندفاع النيابي لتأييد الحكومة في الطالعة والنازلة، وانكشاف رغبتهم في إكمال مجلس الأمة لعمره الافتراضي بأي صورة كانت، وليس من أجل دفع عجلة التنمية « الفاشة « ولكن من اجل الحفاظ على بقائهم ليس أكثر .الملاحظة الأخيرة هي ضرورة أن تولي دشتي بحكم خبرتها الاقتصادية الواسعة ملف تخصيص الكويتية، اهتماما خاصا لأسباب عدة في مقدمتها أنه أول مؤشر لقياس جدية الحكومة في تطبيق خطة التنمية، ولضمان بيع تلك الشركة بأفضل الأسعار وأخيراً ملاحقة المفسدين الذين ينوون الهرب قبل دخول الشركة في حوزة القطاع الخاص.الفقرة الأخيرة: وصلتني رسائل نصية عدة أرسلتها لجنة إزالة الأشجار قرأتها أول مرة على النحو التالي: «ليش نتغدى.. والناس تتعشى» ثم أعدت القراءة فوجدتها «ليش نتعدى.. والناس تتأذى»، وقد حاولت الرد على الرسالة فرجعت لي مرفوضة مثل كل محاولات من يريدون الإصلاح ما استطاعوا فلم أجد غير نشرها في هذا المكان: إن غياب تطبيق القانون لعقود هو من جعل الكويت غابة من أشجار الفوضى والتسيب والفساد وتحيط بها بساتين من أزهار الواسطة بكل ألوانها، فهل تقدرون على إزالة الغابة والبساتين؟ حاولوا.