"يا محلا النصر بعون الله" فحتى عمر كرامي شقيق "الأفندي" رشيد كرامي، رحمه الله الرحمة الواسعة ابن طرابلس الرابضة كقلعة تاريخية عند أقدام جبل "ترْبُل" في الشمال اللبناني، لم يجد بُداً من أن يدلي بدلوه في بئر الأصوات المتعالية المتحدثة عن حرب جديدة بين مؤكد ومستبعد، ويقول: إن كل الأمور التي يتنبأ الإسرائيليون بأنها ستحصل في "أيلول أو تشرين" إن شاء الله تكون فقاقيع صابون، وإلا فنحن حاضرون للمواجهة... يا سلام... وليخسأ الخاسئون... صحْ يا رجال؟!

Ad

ويقول ابن الشمال اللبناني الصامد على امتداد خط اللاذقية بانياس: إن ما نراه من هذا الغليان، وهذه التهديدات سواء كانت من إسرائيل "أو من غيرها"!! المقصود منه هو سلاح حزب الله الذي أوجد توازن رعب بين لبنان وإسرائيل، وهذا لا شك في أنه قد ذكَّر كل الذين لديهم القدرة على التذكر والذين لا تدفعهم الأوهام إلى السباحة في مجرد شبر واحد من الماء، بأن المجاهد الأكبر خالد مشعل، مع شديد الاعتذار للمجاهد حقاً الحبيب بورقيبة، كان قد قال عشية حرب غزة ودمارها إن حركته، أي حركة حماس، قد حققت مثل توازن الرعب هذا بينها وبين الدولة الصهيونية.

"يا ليت العاديات ضَبحْا والمغيرات صُبحْا" من خيل أهلنا، ويا ليت وألف عسى أن يكون هناك توازن رعب فعلي وحقيقي بين لبنان الدولة الحبيبة التي دفعت ثمناً لم يدفعه غيرها من أجل فلسطين والشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، لكن ما العمل وحقائق التاريخ البعيد والقريب تضع أصابعها في عيوننا، وتقول لنا: ألم يقل صدام حسين ذات يوم، وهو يترنح نشوة وطرباً ويميل بجسده مرة ذات الشمال ومرة أخرى ذات اليمين، وهو يلوح بكتلة صغيرة من الحديد: إنني قادر على تدمير نصف إسرائيل، وكانت النتيجة أن ألقى الأميركيون "الأوغاد" القبض عليه، وهو يختبئ كالفأر المذعور في جحر صغير في إحدى المناطق العراقية؟!

أن يقول السيد حسن نصر الله إنه حاضرٌ للمواجهة في حال فكرت إسرائيل في غزو لبنان، فهذا مفهوم ومتوقع وفيه بعض الصحة أو كل الصحة وفقاً للتجارب السابقة، أما أن يقول هذا المحامي عمر كرامي فإنه يجعل الكثيرين يبتسمون، ويجعلهم يتذكرون المثل الذي يقول: "إن القرعاء تتباهى بجدائل ابنة خالتها"، فسلاح حزب الله، الذي أظهر قدرة فائقة في غزو بيروت الغربية واستباحتها في ذلك اليوم الأسود، لا هو سلاح لبنان ولا هو سلاح طرابلس الباسلة المحروسة بعين علي عيد، وبالطبع هو السلاح الذي لا يملك فيه شقيق الأفندي رحمه الله ولا "فشكه" واحدة!

هناك الآن أجواء حرب مدمرة في المنطقة قد تنفجر في أي لحظة سواء على جبهة لبنان الجنوبية، ثم تمتد لتلحق كل مناطق هذا الوطن الجميل، ولتفعل فيه ما فعلته الحرب السابقة، والحرب التي سبقتها، أو في اتجاه إيران مباشرة، وهذا يستدعي أن يتحلى الجميع، أصحاب السلاح والمتفرجين عليه، بالمزيد من الواقعية، فالحروب وخاصة مع إسرائيل ومع "الاستكبار العالمي" الولايات المتحدة ليست مزحة حتى يقول عمر كرامي إنه مستعد للمواجهة، وحتى يصل التبجح بغيره إلى حدِّ الوعد بما كان وعد به صدام حسين صاحب "أم المعارك"، حيث جاءت النتيجة هذه المأساة التي يبدو أنها بعيدة النهاية التي يغرق فيها العراق الحبيب الذي بقي عبر التاريخ كله جدار الاستناد المنيع للأمة العربية المجيدة.