اقتربت من الكاتب المسرحي بدر محارب، والمخرج عبدالعزيز صفر في أكثر من مناسبة، سواء في فعاليات المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، أو في الأسابيع الثقافية الكويتية خارج الكويت، وكنت على الدوام معجباً بهدوء وتواضع ووعي بدر، وكنت من جهة أخرى أراقب بحب واحترام الهاجس الذي يحرّك عبدالعزيز بأن يكون مختلفاً، وأن يقدم أعمالاً مسرحية تليق باسمه وسمعة وطنه.

Ad

إننا، في الكويت، لا نحيا حياة المسرح المتقدة، وعلى مختلف الصعد، كتابةً وتمثيلاً وإخراجاً، فبالرغم من وجود المعهد العالي للفنون المسرحية كجهة أكاديمية رسمية تعمل على تخريج العشرات سنوياً من كوادر المسرح، فإننا وللأسف، لم نستطع رصد كاتب مسرحي نذر عمره للكتابة المسرحية، وطبع أكثر من عمل مسرحي، وشكّل اسماً مسرحياً يشير إلى وجوده المقنع، ويصعب تجاوزه، والأمر ذاته، وللأسف أيضا، ينطبق على عدم ظهور ممثل مسرحي، استطاع أن يلفت الانتباه بأدائه المسرحي لأكثر من شخصية ونص مسرحي، وليصبح اسماً مقترناً بالمسرح، ولا نبعد كثيراً إذا أكدنا الأمر بالنسبة إلى المخرج. وأخيراً وخلال السنوات الماضية، قليلة جداً، وتعدّ على أصابع اليد الواحدة، الأسماء التي لفتت الانتباه إلى جهدها المسرحي المخلص، ومحاولتها الدؤوبة لتقديم أعمال مؤثرة في الوعي والذاكرة، وأشعر بالسعادة وأنا أشير إلى بدر محارب، وعبدالعزيز صفر، بوصفهما اسمين يعملان بمثابرة وعطاء مسرحي صادق، بالرغم من كل المحبطات والمنغصات.

مناسبة القول أعلاه، هو العمل الأخير لبدر وعبدالعزيز، بعنوان «دراما الشحاذين»، والذي عُرض على مسرح الدسمة، بمناسبة احتفال المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بيوم المسرح العالمي، وكان ذلك مساء يوم الاثنين الموافق الخامس من أبريل الجاري. لقد استطاع العمل تقديم فرجة مسرحية مقنعة ومشوقة. وكان واضحاً قدرة النص على بعث رسائله المبطنة، حيال الثقافة والمسرح والفنان والسلطة، كما أن أبطال العمل: ميثم بدر، وإبراهيم الشيخلي، وعبدالعزيز بهبهاني، ورشا فاروق، وعلي الحسيني، ونوار القريني، قدموا العمل بتناغم مدروس، مع بروز إبراهيم الشيخلي، وتأكيده موهبته المسرحية، وقدرته الواضحة على انتزاع اهتمام وتعاطف وضحك الجمهور، دون تكلف وبسلاسة وحضور مسرحي لافت. مثلما كان دور نوار القريني، كرجل شرطة، دوراً محورياً ومهماً وأضاف نكهة خاصة إلى العمل.

إن عملاً مسرحياً على شاكلة «دراما الشحاذين» يثير السؤال عن السبب وراء عدم تبني الفرق الأهلية أو المجلس الوطني لعروض جماهيرية، وكسر العزلة التي يحياها جمهور المسرح في الكويت. ولا أظن نفسي مبالغاً في القول: إن محسنات صغيرة ومدروسة، تمثيلاً وإخراجاً، قادرة على الانتقال بمسرحية «دراما الشحاذين» من عرض مناسبات، إلى عرض جماهيري، يخاطب وعي المتلقي، ويحترم ذائقته، ويقول رأياً مهماً في حالة الثقافة والمسرح والمسرحيين في كويت اليوم.

إن عرضاً مسرحياً شبابياً ناضجاً وجميلاً، يبعث على الدهشة والفرح في قلب المشاهد، إنما يقول ببساطة كم هي خلاقة جهود الشباب، وكم هي في حاجة إلى مزيد من الدعم.

بدر وعبدالعزيز تحية إعجاب ومحبة.