هل لفّق البراك التهم؟
لماذا خلط الأوراق؟ فإذا كان السيد وزير الإعلام حصل على الأغلبية في التصويت على طرح الثقة فهذه مسألة، ويستحق الوزير صك النجاح في موضوع الاستجواب تحديداً، فقد ظلم فيها دون وجه حق، وإن كان لابد أن يستجوب فليكن استجوابه، كما أسلفت في مقال سابق، على ترضية ثوار الوحدة الوطنية على حساب حرية الضمير، واتضح بعدها أن مشروع تغليظ العقوبات الحكومي لجرائم النشر كان "زلقة بطيحة"... زلقة متعمدة من الجويهل، وجدت الحكومة فيها ضالتها لحرق القليل الباقي من الحرية الإعلامية.
كان ذلك موضوعاً، ومسألة انتهت، لكن نقد وإدانة عدد من النواب لزميلهم مسلم البراك حين قال: "إن لكل استجواب ثمناً، وإن لكل اقتراح ثمناً، وهناك نواب يتلقون أموالاً خارجية لتشويه الديمقراطية في الكويت"، ومصدري هنا مقال الزميل بدر الديحاني بـ "الجريدة"، فتلك مسألة أخرى... فمن يطلب من مسلم البراك أن يقدم الدليل على أن هناك فساداً في المؤسسة التشريعية وفي جل مؤسسات الدولة فكأنه يحجب الشمس بمنخل! ما هو المطلوب من البراك أو غيره لإثبات وقائع الفساد وشراء الذمم؟ ليس في هذا أو ذاك الاستجواب فقط وإنما في تسيير وإدارة الدولة كلها...! هل يفترض بالنائب أن يقدم صوراً فوتوغرافية وتسجيلات صوتية تمثل صور الفساد في المؤسسة التشريعية، وهي تتربع على قمة من قمم مؤسسات الدولة "الصالحة"! وسمو الأمير قال قبل سنوات حين كان رئيساً للوزراء: "الفساد في البلدية ما تشيله البعارين...". كانت تلك حقيقة... وهناك حقائق أخرى تقطع بأن الفساد يكاد يعم اليوم معظم مؤسسات الدولة؟ نراه ونلمسه باليد في شوارعنا... في شراء رخص القيادة أو التوسط فيها أو تمرير المخالفات والصمت عن حرب الشوارع... نراه... في تفصيل المناقصات والممارسات على مقاس المتزلفين وأهل الحظوة عند السلطة... أليس مشهد تجمع مئات تناكر المجاري عند بداية الدائري السادس في مشرف، وتلويث البحر بأطنان نفايات المجاري... وكيف رست المناقصة في محطة ضخ الكوارث بمشرف، ومن كان المسؤول عنها... وزيراً أم غيره... وهل تمت محاسبته... أو حتى سؤاله...! أليس هذا التغافل واللامبالاة أبشع صور الفساد...؟ الفساد لدينا ينطق ببلاغة الوقاحة... ويتحرك بكل صوب وكل اتجاه... في التعيينات بالوظائف... في الترقيات الوظيفية... في كل صغيرة وكبيرة تحدث في البلد... الدولة تتدهور... وعلاج دائها ليس في وصفات النائب هايف الأخلاقية... وليس دواؤها في الاصطفاف مع الحكومة بالحق والباطل... لأنها المرجع القوي لوهن التقدميين... حلنا لن يكون بغير حكم القانون... والقانون إما غائب أو نائم... ولا فرق بين الاثنين.