بقايا حرية
تُعقَد اليوم الجلسة الثالثة لمحاكمة سجين الرأي محمد عبدالقادر الجاسم، وهو سجين للرأي بموجب الدستور الكويتي، وبموجب القانون الكويتي، وبموجب مواد العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي صادَقت عليه الكويت، وصدر كقانون من مجلس الأمة بموجب المادة 70 من الدستور، وبالتالي تصبح تلك الاتفاقية قانوناً محلياً.
مضى على احتجاز الجاسم 42 يوماً، حدث خلالها الكثير من الملابسات، منها مخالفات واضحة في لوائح ونظم الحبس الاحتياطي، كما أن عملية ترحيله من السجن إلى المحكمة وبالعكس، هي الأخرى شهدت العديد من المخالفات والتجاوزات لحقوق مكفولة للمتهم أثناء الحبس الاحتياطي. وتتمثل الإشكالية الكبرى في إحالة قضايا الرأي إلى قانون 31 لسنة 1970 بدلاً من قانون المطبوعات. في سنة 1995 قام مجلس الأمة بإلغاء محكمة أمن الدولة، وكان ذلك إجراء في الاتجاه الصحيح، حيث كان ذلك القانون يمثل انتهاكاً صارخاً لمبادئ الدستور وروحه ومفاهيمه الحريصة على تثبيت احترام الإنسان وكرامته، وجاءت المحكمة الدستورية لتضيف علامة مضيئة في الانتصار للإنسان عندما أصدرت حكماً تاريخياً بإلغاء مواد كثيرة من قانون التجمعات، وقد آن الأوان لإلغاء وإجراء تعديلات جذرية على قانون 31 لسنة 1970. الملاحظة اللافتة هي أنه في ذات الوقت الذي تجرى فيه محاكمة الجاسم في الكويت تتم عدة محاكمات في 4 دول عربية باتهامات مشابهة لمحامين وكُتَّاب وناشطين، والمؤسف في الموضوع أن تلك الدول العربية معروفة بانعدام استقلال القضاء فيها وهيمنة كاملة للأجهزة الأمنية، فهل هناك مَن قرر أن تتطابق الكويت مع شقيقاتها؟ في حالة الترهل العامة والتدهور الملحوظ في كل المجالات من تفشي الفساد إلى التهتك الإداري إلى الرياضة، لم يبق لنا إلا حرية التعبير النسبية، ويبدو أن هناك مَن يريد أن ينهيها من خلال استمرار احتجاز سجين الرأي محمد عبدالقادر الجاسم.