أبناء "البدون" من الجيل الثالث والرابع لن يبقوا "بدوناً" إلى الأبد، فمصيرهم أن يصبحوا كويتيين، شاء ذلك من شاء وأبى من أبى، لأن هذا ما يقوله الحق والعدل والعقل والمنطق، ومع أن أحداً لا يعلم متى سيحدث هذا، بعد عام أو عامين أو عشرة أو عشرين، فإني متأكد أنه سيحدث حتماً، وسيتم تجنيس المستحق منهم آجلاً أو عاجلاً، إما بقناعة حكومية وإما بمطالبة شعبية وإما بضغوط خارجية وإما بأحكام قضائية، ولذلك، نتمنى من حكومتنا الرشيدة أن تبادر بإنجاز هذا الأمر من تلقاء نفسها قبل أن يفرض عليها، فلا طائل ولا فائدة ترجى من المماطلة والتأخير المستمر في حل هذه القضية، إلا إن كان أعضاؤها يتوقعون من "البدون" أن يتبخروا فجأة، أو يهاجروا هجرة جماعية إلى بلد آخر، أو أن تصحو يوماً من نومها العميق لتجدهم «فص ملح وذاب»!

Ad

***

مهما كان منطق الكاتب قوياً وأسلوبه جميلا وكلامه عقلانيا، فسيفقد مع مرور الوقت مصداقيته وحسن الظن به عند قرائه إن كان سيخصص جل مقالاته لذم فلان من الناس أو مدح آخر، وعليه ألا يغضب أو يتضايق كثيراً إن اتهم بأنه بوق لفلان أو صبي لعلان، لأنه من جلب التهمة لنفسه، فمن غير المعقول أن يحسن الناس الظن به، وهو لا هم له في كتاباته سوى إضفاء القدسية على أشخاص بعينهم وتصوير خصومهم كشياطين وخونة وفاشلين، ولذلك، حين أقرأ تعليقات القراء القاسية على بعض الكتّاب في بعض المواقع الإلكترونية لا ألومهم- رغم عدم تقبلي لما فيها- لأن الكاتب المحترم برأيي هو من يفرض احترام القارئ له مهما اختلف معه في الرأي، وهو من يخلق له صورة في ذهن من يقرأ له، لكن البعض للأسف لا يفهم هذا الأمر، أو لا يكترث له رغم أنه كاتب كبير... أو قديم إن أردنا الدقة!

***

يقول صديق: كلما قدت سيارتي في شارع من شوارع الكويت، أو تسوقت في سوق من أسواقها، أو جلست في مقهى من مقاهيها، أو راجعت في وزارة من وزاراتها، ينتابني شعوربالغربة، وبأنني أعيش في وطن احتُل في غفلة من الزمن، أصبح المواطنون فيه أقلية لا تتجاوز ربع عدد السكان، وهذا الربع مهدد بأن يتحول إلى أرباع بعد سنوات، حتى يأتي يوم تفرح فيه لرؤية مواطن آخر كما تفرح حين تراه في بلد غريب!

هل يعقل ونحن لا يتجاوز عددنا في وطننا الصغير مليون مواطن، أن نحتضن جاليات تتجاوز أعدادها الإجمالية تقريبا المليونين ونصف المليون، فيما يتراوح تعداد بعضها بين 400 و600 ألف؟! فهل فكر أحد في النتائج الوخيمة أمنياً واجتماعياً واقتصادياً لأمر كهذا؟!

تصور معي لو أن واحدة من هذه الجاليات كونت لها ميليشيات عسكرية أو عصابات منظمة ضخمة، كيف سنتصرف حينها حكومة وشعباً تجاه وضع كهذا؟ هل سننتظر حتى يأتي ذلك اليوم أم أننا سنحاول حل هذه المشكله قبل حدوثها؟! انتهى كلام الصديق الذي لا ألومه على مخاوفه، لكنني لا أتوقع أن يبادر أحد بحل هذه المشكلة، لأن الجميع مشغول الآن في قضايا سياسية تافهة لو سلمت لمجموعة من الطلبة في مدرسة متوسطة في أي دولة أوروبية لوجدوا لها الحل في ساعات، ولذلك لا تتوقع يا صديقي أن ترى حلاً لهذه التركيبة السكانية العجيبة الغريبة، فهي أولاً وأخيراً نتاج التركيبة العجيبة الغريبة لعقول من يديرون الأمور في هذا البلد!

***

شيء بسيط لا يستطيع فهمه كثير من الناس، وهو أن الاختصار والإيجاز في الحديث دليل على المقدرة والتمكن من الفكرة وليس العكس، فليس من القدرة في شيء أن يتحدث المرء طويلاً ولساعات دون كلل أو ملل مستعرضاً ما لديه من معلومات يكررها بين الفينة والأخرى دون أن يترك للآخرين أي فرصة للتعبير عن آرائهم، فأن يتحدث المرء طويلاً وكثيراً لا يعني ذلك أنه أكثر فهما وذكاءً وعلماً من الآخرين، وأن من يستمعون له مجرد ثلة من البسطاء يبحثون عن المعرفة لديه!

بل ذلك يعني ببساطه أنه ثرثار وأناني ولا يحترم عقول الآخرين، وأن من يستمعون إليه أصحاب أدب وذوق، كثيرا ما يجاملونه على حساب صحتهم ووجع رؤوسهم وعلة قلوبهم!