«الله يستر مما هو قادم»
ما نشهده من أحداث على الساحة السياسية المحلية من استجوابات متلاحقة وصراعات محتدمة ظاهرها مشاكل رياضية واقتصادية واجتماعية- بعضها بشكل صريح وآخر بشكل مستتر- أقرب ما يكون إلى الفوضى السياسية، حيث اختلطت المعايير وتبدلت المواقف، حتى لم يعد الكثير من المراقبين أو المتابعين قادرين على فهم ما يحدث، ولا ما هي تداعيات ذلك على مستقبل الكويت القريب أو البعيد. ولعل من المظاهر المقلقة على صعيد المستقبل المنظور الخلافات التي طفت إلى السطح بين أفراد الأسرة، ووصلت في بعض الحالات إلى الاعتراض العلني المبطن والغمز واللمز على شكل رسائل غير مباشرة للتعبير عن عدم الرضا والمطالبة بدور أكبر.أعتقد أن ما يحدث على السطح من مظاهر تتبدى على شكل صراعات واستقطابات سياسية واجتماعية هي مجرد أعراض لأسباب عميقة مستترة داخل بنية قوى النفوذ الاقتصادي والسياسي بشكل خاص، وداخل بنية الشعب الكويتي بشكل عام، ويبدو أن مركز هذه الصراعات هو إحساس التيارات السياسية وقوى الضغط الاقتصادية والاجتماعية المتصارعة أننا على أعتاب مرحلة سياسية مختلفة بالغة الحساسية في المنظور القريب، قد لا يتعدى ثلاث إلى أربع سنوات، ولذا فإن الجميع يتهيؤون للمرحلة الجديدة للمحافظة على مصالحهم ونفوذهم، ولذلك فإنهم يحاولون الاقتراب من دائرة صنع القرار انتظاراً للحظة الحاسمة حين تسنح الفرصة ليقتنصوها حتى "لا يخرج من المولد بلا حمص"، ولذا فإن الكثير من مما يحدث في الوقت الحاضر هو خطوات تمهيدية استباقية لما هو آت.
إذا كانت الكويت قد مرت في الماضي بمراحل حاسمة وخطيرة، فإن المرحلة التي نحن على أعتابها، والتي نشهد إرهاصاتها لن تقل خطورة عن سابقاتها إذا لم يحسن التعامل معها، وإذا لم يتم حسم بعض القضايا المعلقة وحل الصراعات الداخلية بشكل مبكر فإن الأمور قد تخرج عن السيطرة عند حدوث اللحظة المرتقبة، وعندها لا يمكن توقع النتيجة التي ستؤول إليها الأمور، وقد يكون لها تداعيات في غاية الخطورة على مستوى السلطة وبنية نظام الحكم ككل.تعليق: يبدو أن وزارة الخارجية أصابها الرعب بعد تصريح النائب محمد هايف بضرورة تدخل الدولة لدى لبنان حتى لا يقوم بتسليم المواطن محمد الدوسري الملقب بأبي طلحة الذي تمت إدانته بالانضمام إلى منظمة جند الشام الإرهابية المتهمة بأحداث نهر البارد في لبنان، وكذلك المتهم بالقيام بأعمال إرهابية وعمليات قتل وتفجير في العراق. هل من مصلحة الكويت التدخل من أجل شخص مدان بأعمال إرهابية "تسود الوجه"؟ وهل يشرّف الكويت أن يقوم أحد مواطنيها بعمليات إرهابية يذهب ضحيتها أناس أبرياء حتى تستنفر جهودها لاستعادته؟ وهل يمكن القبول بتبرير محمد هايف بضرورة قيام الدولة بالدفاع عن أحد مواطنيها حتى لو كان إرهابياً؟ هل كان هذا المواطن "المسالم" في رحلة سياحية وتعرض للظلم حتى تدافع عنه الكويت، أم أنه من المتطرفين الذين عاثوا في الأرض فسادا وقتلا؟! لا نعتب على محمد هايف، ولكن نعتب على المسؤولين الذين ترتعد فرائصهم من تصريحاته فيستجيبون لطلباته.