ليست أحلام اليقظة أشكال الكسل! وجدت آخر الأبحاث أنّها قد تفيد في تحسين الصحة وتحقيق الأهداف المرجوّة. إليك الطريقة الصحيحة للاسترسال في أفكارك وأحلامك في حالة اليقظة.
تراود أحلام اليقظة عادةً، الأطفال لأنهم يتمتعون بمخيّلة واسعة وبالكاد يميّزون بين الواقع والخيال. أما الراشدون، فيسترسلون غالباً لأفكارهم السعيدة أثناء العطلات. بعيداً عن ضغوط الحياة العصرية التي تركز على الإنتاجية وسرعة الأداء، يميل المرء إلى التأمل في البحر أو الغيوم أثناء الاستلقاء على الشاطئ مثلاً، فتهيم أفكاره ويصل إلى أماكن ممتعة... إنها تجربة مفيدة! لا يتقبّل بعض المجتمعات لحظات التأمل هذه لأنه يعتبرها مضيعة للوقت. كذلك، يرى بعض علماء النفس أن أحلام اليقظة تعني الخمول والكسل، حتى أنّ فرويد اعتبرها نوعاً من الأفعال الطفولية والعصبية. لكن أثبتت الدراسات الحديثة عدم صحة هذه الأفكار. بعيداً عن إهدار الموارد الذهنية، تبيّن أن أحلام اليقظة تشكل عاملاً مهماً، بل مركزياً، في الحياة البشرية، وتحديداً على مستوى تحديد الأهداف وتحقيقها. قد تكون مشغولاً في التركيز على أمر لا علاقة له بأهدافك الشخصية، لكن سرعان ما تنتابك أحلام يقظة بشكل لاإرادي، بين الحين والآخر، لتذكيرك بضرورة إبقاء أحد تلك الأهداف نُصْب عينيك وتحديد كلّ ما يساعدك على تحقيقه.أحلام اليقظة هي تعبير داخلي عن هدف معيّن نسعى إليه، وتحثّنا هذه الأحلام على التجاوب مع إشارات تصادفنا في محيطنا من شأنها مساعدتنا على تحقيق الهدف. تساهم أحلام اليقظة في الربط بين الأمور المفيدة، ومن دونها قد نغفل عن الفرص التي تمكّننا من تحقيق الهدف المنشود. وكلما كانت هذه الأحلام حيّة في ذهننا، مثل هدف الانطلاق في مهنة جديدة، يسهل تحقيقها على أرض الواقع.حلّل المعالجون النفسيون طريقة تفكير أنجح المخترعين ووجدوا أنّهم يتمتعون جميعاً بنمط التفكير نفسه، أي تخصيص وقت محدد للحلم بأهداف مقبلة ونجاحات مستقبلية. بالتالي، تشكل أحلام اليقظة بالنسبة إلى هؤلاء استراتيجية نجاح: ستحصل فعلياً على كل ما تحلم به خلال تلك اللحظات الخيالية. حين تعيش أحلام اليقظة، يبدو كل شيء ممكناً، إذ تتسم هذه الأحلام بمرونة كبيرة على عكس أحلام الليل المألوفة. يمكنك إبطاء الوقت أو تسريعه، التحكّم بالأهداف، حذف أو إضافة ما تشاء.توسيع نطاق الطموحاتعلينا أن نخصّص وقتاً للتأمّل بـ}الحلم الكبير}، أي ما نريده فعلياً في الحياة، وأن نعود بشكل متكرر إلى تخيّل ذلك الطموح الكبير. ثم يمكننا خلطه مع أحلام يقظة متعلقة بمراحل النجاح وكيفية بلوغها. يؤدي هذا النمط من الأحلام إلى تحفيز الذات وزيادة الفرص المتاحة.يشكّل تخيّل النجاح بهذه الطريقة، بأدق تفاصيله، تقنية أساسية في البرمجة اللغوية العصبية وعلم النفس الرياضي. تشير الدراسات إلى أنّ الأشخاص الذين يستعملون تقنيات التخيّل يتفوقون في أدائهم على الأشخاص الذين يكتفون بالتدريب الجسدي. قد يساهم التدرّب الذهني على أحداث مستقبلية عن طريق التخيّل في التعامل مع الأحداث الواقعية بطريقة أفضل. كذلك، قد تساهم أحلام اليقظة المتعمّدة في تخفيف حدة الضغط النفسي وتحسين التركيز. يعمل الدماغ وفقاً لدورة متكررة تحصل كل 24 ساعة، ما يعني أن الدماغ يتوقف عن العمل بعد تسعين دقيقة من التركيز، فينتقل تلقائياً إلى حالة أحلام اليقظة. إنها مرحلة حساسة يجب تقبّلها بدل محاربتها عبر تناول كوب قهوة. إذا تجنبت هذه الفترة من الأحلام، ستزداد حالات النسيان لديك وستواجه صعوبة في حفظ المعلومات وتعلّمها، وستنخفض إنتاجيتك في العمل وسترتكب الأخطاء. كذلك، ستشعر بالتعب وستتراجع قدرتك على التنسيق وإدراك الأحداث من حولك.تؤكد دراسات أخرى حديثة أنّ أحلام اليقظة تعني أن الدماغ في إجازة، وهي تُعتبر فترة مفيدة لا مضيعة للوقت، لأنها عبارة عن تموّجات دماغية تحصل عند حصر التركيز بطريقة محددة.إذا شعرت بالتعب وبعدم القدرة على التركيز، خذ استراحة قصيرة واسترسل لأحلام اليقظة. يكفي أن تفعل ذلك بين 10 و20 دقيقة للشعور بالانتعاش خلال الساعتين المقبلتين. فضلاً عن ذلك، سيساهم هذا النشاط في زيادة قدرتك على تحمّل الضغط النفسي وتحسين أداء الذاكرة والقدرة على التعلّم والتنسيق والإبداع. كذلك، ستتحسن حالتك الصحية عموماً بفضل الاسترخاء الذي تولّده أحلام اليقظة كونها تبطئ عمل الدماغ والجسم. هكذا تأخذ {إجازة} ذهنية لتتمكن من التخلّص من التوتر قبل العودة إلى أرض الواقع بكل انتعاش ونشاط.على صعيد آخر، تساعد أحلام اليقظة في تعزيز قدراتك على حل المشاكل وابتكار الأفكار الخلاّقة. يرى علماء النفس أن حالة النعاس التي تسبق الاسترسال في النوم قد تكون إحدى أفضل الحالات لحلّ المشاكل التي نواجهها. تتطلب عملية الابتكار فترات بديلة من التركيز والهدوء. يمكنك افتعال حالة مماثلة إذا كنت تبحث عن حل لمعضلة أو تحاول ابتكار أفكار خلاّقة. لا داعي للجلوس وإغماض العينين، يمكنك التنزه أو إيجاد طريقتك الخاصة للدخول في حالة أحلام اليقظة، فتكون هذه التجربة بمثابة تأمّل متحرّك.للحصول على راحة قصوى، عليك أن تحرص على رؤية أحلام يقظة تفاؤلية، فقد تشعر بسوء أكبر وقد تزداد حدة الاكتئاب لديك في حال تأمل أفكار تشاؤمية. إذا اتخذت أفكارك نزعة سلبية رغماً عنك، أوقف نفسك ذهنياً أو بصوت عالٍ. ثم استبدل الصور السلبية بتخيلات إيجابية مثل الشعور الذي سينتابك حين تحقق أهدافك.باختصار، قد تكون أحلام اليقظة الإيجابية أداة فاعلة لإطلاق العنان لمخيلتك ومحاربة الضغوط النفسية. خصص وقتاً طويلاً لها خلال العطلات أو في أيّ فترة كانت. يجب الاستفادة من أحلام اليقظة كلما سنحت الفرصة بدل الشعور بالذنب لأنها تبدو لك مضيعة للوقت. يحتاج الدماغ إلى أوقات استراحة وأوقات تركيز حاد ليقدّم أفضل أداء له.إلى أقصى درجة...1 - استعمل جميع حواسك: بالإضافة إلى رؤية أحلامك، ما هي الأصوات والروائح التي ترافقها؟2 - أصغِ إلى موسيقى هادئة وأغمض عينيك.3 - تساهم الخربشة على الورق في استرخاء العقل.4 - خصص أوقات استراحة يومياً (حوالى 10 دقائق) للاسترسال في أحلام اليقظة. أقنع رب العمل بأنها طريقة فاعلة لابتكار حلول خلاّقة، أو يمكنك فعل ذلك خلال استراحة الغداء.5 - تخيّل صوراً خلاّقة أثناء أحلام اليقظة، مثل رؤية الجهة الأمامية من الدماغ وهي تشتعل بالأفكار الجديدة.6 - ابدأ أحلام اليقظة بقراءة مقطع من إحدى الروايات أو الاستماع إلى الراديو.7 - إذا راودتك أفكار سلبية، توقف عن التأمل فوراً. ابدأ حلماً جديداً عبر التفكير بأمر يريحك كطعامك المفضّل أو عطرك المفضّل.8 - تخيّل المكان الذي تريد التواجد فيه بعد سنة أو سنتين أو خمس سنوات. سيساعدك ذلك في تحديد أهداف إيجابية.9 - حوّل أحلام اليقظة إلى تأمل متحرك، أثناء التنزه أو العناية بالحديقة مثلاً. هكذا يهيم فكرك بعيداً عن عالم الواقع أثناء التحرك.
توابل
أحلام اليقظة... حقّق أهدافك
06-04-2010