على سفح الجهراء الصامدة، ارتُكبت جريمة، وكان ضحاياها نساءً وأطفالاً، زرعوا في نفوسنا الألم، والأسى. كان ينبغي لها أن تكون حفلة عرس، فأضحت عرساً للدم والأسى.

Ad

هي مأساة وكارثة إنسانية بكل المقاييس، وهي مأساة تاريخية على مستوى الكويت. ومع أن العديد طالبوا حكومتنا الرشيدة بإعلان حداد عام، أو حداد خاص، أو حتى "خام" أو "عاص"، أي حداد، إظهاراً لتعاطف رسمي، فإنها (الرشيدة) أصرت على إغلاق أذنيها وفمها وعينيها فتحولت إلى نصب القرود الثلاثة الشهير.

كنت أتمنى أن تقوم رشيدتنا الحكومة باتباع خطوات صاحب السمو أمير البلاد، حفظه الله، الذي أعلن عدم استقباله المهنئين برمضان وعيد الفطر، وأن توقف شيئاً ما، أي شيء، خطة التنمية مثلاً، ولكنها "واقفة" على أية حال، فما هي يا ترى الأشياء التي تستطيع الحكومة التوقف عنها لكي تظهر تعاطفها مع ضحايا الحريق؟ للأسف لم أجد الكثير، فالبلد "واقف" جملة وتفصيلاً. ولذلك فقد وجدت العذر للرشيدة.

وبما أن حكومتنا الرشيدة "هذا حدها" وليس لديها ما تستطيع من خلاله إعلان حدادها على الضحايا، اللهم إلا زيارة مكان الحادث، ورفع البشوت خشية البلل، فلا بأس من إثارة نمط التفاعل الاجتماعي والإعلامي مع الموضوع، انطلاقاً من "كيد النساء" و"نقص عقولهن" وما شابه. بالطبع لسنا في حاجة إلى التذكير بأن الآية التي تضمّنت "كيدهن" والحديث الذي ورد فيه "ناقصات عقل" كان المقصود بهما شيئاً آخر.

حاولت أن أتفكر في هذا الهجوم الذكوري على المرأة بقصد أو بغير قصد انطلاقاً من أن غيرة امرأة دفعتها الى إشعال خيمة العرس، بل كان ملحوظاً، أن كل من لديه ثمة عُقَد ضد المرأة قد ركب الموجة، متناسياً بالطبع "كيد الرجال" فهم ملائكة، و"نقص عقولهم" فهم الحكماء، الذين لا يأتيهم الباطل. ويتناسى أصحاب الفكر الذكوري أن قيادة العالم جلّها من الذكور، وهي التي قادت العالم إلى الخراب والدمار ولاتزال.

ولنعقد مقارنة بين امرأة "ناقصة عقل"، هكذا يفترض، أرادت أن تخرب عرساً بسبب الغيرة فأشعلت خيمة، فخرجت عن نطاق السيطرة وكان ضحاياها أرواحاً بريئة، وبين رجل "مكتمل العقل"، هكذا يفترض، يدخل بحزام ناسف في وسط حفلة عرس ويفجر نفسه، فيقتل الأبرياء الذين حضروا العرس. من هو يا ترى كامل العقل ومن هو ناقصه؟ أعقولهم أم عقولهن؟ وهكذا، أما آن لأبي حنيفة أن يمد رجليه؟

ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء