إيران ومخطط أجاكس 2 للتغيير!
«نعم لقد تم إصدار الأوامر بالفعل إلى سفارتنا في طهران بأن تبقي أبوابها مفتوحة لإيواء المتظاهرين المطاردين المطلوبين من قبل السلطات الإيرانية، وأن تقبل أي طلبات لهم للجوء السياسي». الكلام لوزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير في مقابلة له مع صحيفة «لي باريسيان» والذي يضيف بأن هذا الأمر «هو قرار كل الأوروبيين والنابع من تقاليدنا الديمقراطية». وقد ورد كلام كوشنير هذا في إطار تأكيده لما كانت قد أدلت به السيدة نازك إفشار من اعترافات، وهي الموظفة المحلية في السفارة الفرنسية في طهران أثناء مثولها أمام محكمة الثورة الإسلامية الإيرانية.بدورها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون وفي مقابلة لها مع الـ«سي إن إن CNN» وإن بدت أكثر حذرا من نظيرها الفرنسي إلا أنها أقرت بدورها أيضا بالدعم والمساندة التي قدمتها بلادها للمعترضين على الانتخابات، وذلك بالقول «لقد قدمنا لهم الكثير من أجل أن يصمدوا لكننا حرصنا ألا نكون في الواجهة حتى لا يتحد الإيرانيون ضدنا... كما أننا سنستمر في تقديم دعمنا ومساندتنا لهم...»!
وللفرنسيين هؤلاء بالطبع قصة أخرى أكثر غرابة واستهجانا، وهي القصة التي تكشفت أبعادها مع اعتقال مدرسة اللغة الفرنسية في أصفهان السيدة كلوتيد ريس والتي اعترفت بأنها أرسلت أكثر من ألف خبر وتقرير مصور إلى فرنسا أثناء الاضطرابات الأخيرة، وقصة هذه السيدة الفرنسية بالأساس تعود إلى وفاة أمها المجندة في الجيش الفرنسي مبكرا في فرنسا ما دفع والدها الذي يعمل في منظمة الطاقة الفرنسية إلى الاستعانة بامرأة إيرانية لرعايتها إلى أن تكبر البنت، فترسل إلى إيران للمرة الأولى لجمع معلومات عن الطاقة الذرية أولا، ومن ثم يأتي اليوم الموعود!وأما الرواية الإنكليزية لقصة التدخلات الأجنبية في الاضطرابات الأخيرة فيحكيها لنا كبير موظفي السفارة البريطانية المحليين، والمكلف بتقديم التحليل السياسي لأعضاء السفارة السيد رسام، والذي يقول فيما يقول فيه إنه قد قام «باستخدام أكثر من خمسين رابطا محليا على مدى خمس سنوات بينهم سياسيون وحزبيون وصحافيون كبار كنت ألتقيهم في المطاعم والمقاهي العامة وأجمع تحليلاتي وتقاريري السياسية من خلال الاستماع إليهم بانتظام»!وبالمناسبة فإن من بين من ذكرهم من الأسماء ممن ليس معتقلا قد أقر بعلاقته الشخصية بالسيد المذكور كما جاء في تصريح له على إحدى الفضائيات، وإن اعتبر «محاكمة مثل هذا الشخص بمنزلة إضعاف للنظام ومثلمة له أكثر مما هو مصدر فخر أو اعتزاز»!وبعد كل ذلك يقولون لنا إن الأمر مجرد شأن داخلي أو مجرد مراجعات فكرية وسياسية لا أكثر ولا أقل، ولا دخل للأجانب فيها، وإن حكاية الثورة المخملية ليست سوى أوهام في رؤوس السلطة الحاكمة ومن يتعاطف معها، الهدف منها تشويه سمعة المعارضة السياسية لأحمدي نجاد.فإذا كان الأمر كذلك فقط، فلماذا إذن كل تلك «الشيطنة» المنظمة لكل أفعال وأقوال أحمدي نجاد؟! والأهم من ذلك لماذا كل ذلك التقاطع بين شيطنتكم إياه وشيطنة الأجانب له؟! ومن ثم ثالثا ألم تسمعوا وتقرؤوا وتاليا تتذكروا ما قاله قائدنا وقائدكم كما يفترض أي الإمام الراحل روح الله الموسوي الخميني رضوان الله عليه، حيث قال ما مضمونه «إذا ما بدأ العدو بمدحك والإشادة بك فابدأ بالشك بما قلت أو فعلت»! لكنها لعبة النجومية والشهرة وسحر الأضواء وامبراطورية «عاجل» الدعائية القذرة. وأيضا لعبة ذلك الشيطان الأكبر الذي أتقن توظيف كل شيء تقريبا، فها هو يدخل ثلاثة من جواسيسه مرة أخرى عبر الحدود من كردستان العراق، والذين يقول عنهم مرة إنهم سواح ومرة أخرى إنهم صحافيون!طبعا لن يبعث غوردن براون برسالة تهنئة للزعيم المنتخب، كما صرح هذا الزعيم العمالي البريطاني تماما، كما لن يفعل أمثاله من رموز التدخل الأجنبي في أحداث طهران، ظنا منهم أن الشعب الإيراني لن يهدأ له بال ما لم تصل إليه رسائلهم المباركة!إنها فضيحة أجاكس 2 التي مع كل يوم سيمضي عليها ستنكشف أبعادا جديدة منها تماما، كما يسجل التاريخ لنا تفاصيل وأبعاد أجاكس 1 التي لعبها البريطانيون والأميركيون في عملية الإطاحة بحكومة مصدق المنتخبة في بداية خمسينيات القرن الماضي.من يهوون حكم القناصل والسفارات سيصابون بالصدمة تلو الصدمة بلا ريب كلما انكشفت صفحة جديدة من صفحات هذه الخطة الخبيثة والملعونة، أما الذين يحبون أوطانهم وينحنون إجلالا لشهدائهم وقيم دينهم وقوام هويتهم الثقافية والحضارية فإنهم سيكتشفون مدى تورط سفارات الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات العامة في ممارستهم اليومية للغش والخداع واحتقار إرادة الشعوب الحرة.* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء