أقام المنبر الديمقراطي مساء أمس الأول ندوة سياسية تحت عنوان «قراءة في التشكيل الوزاري»، أكد خلالها المحاضرون أن التشكيل الوزاري الحالي لم يكن على مستوى الطموح، نظراً إلى ما شابهُ من سلبيات بعيدة كل البعد عن العمل السياسي الجاد.
أكد النائب السابق عبدالله النيباري أن لكل انتخابات ذاتيتها الخاصة التي تميزها عن سابقتها، معتبراً أن نتائج انتخابات مجلس أمة 2009، جاءت تعبيراً عن موقف ناقد للمشهد السياسي الراهن، لا سيما أزمة الحكم والسياسة والإدارة في الكويت، وما ترتب عليها من نتائج مدمرة على الصعد كافة، حضت السواد الأعظم من المواطنين على العزوف عن المشاركة في العملية الانتخابية، لافتاً إلى أن انعكاس الطائفية والقبلية والعائلية والمال السياسي «القذر» على تشكيل مجلس الأمة الحالي أثار تخوفات البعض على مستقبل الحياة السياسية في الكويت، مبدياً ارتياحه لوجود أعضاء مخضرمين في العمل الوطني السياسي، أمثال النائب أحمد السعدون والنائب عادل الصرعاوي، فهما صماما أمان للحياة السياسية في البلاد، مؤكداً أن وقوف السعدون بالمرصاد أمام الخطأ الذي شاب القسَم الدستوري لأحد النواب، لا سيما عبر تنبيه الرأي العام إلى خطورة ذلك، خير دليل على هذا، معتبراً أن التشكيل الوزاري الحالي لم يكن على مستوى طموحات وآمال المواطنين لما شابه من سلبيات بعيدة كل البعد عن العمل السياسي الجاد. وأوضح النيباري خلال الندوة التي أقامها المنبر الديمقراطي مساء أمس الأول في ديوانه تحت عنوان «قراءة في التشكيل الوزاري» أن التشكيلة الحكومية الحالية باستثناء بعض الوجوه الجديدة جاءت مثل سابقتها، ولم تختلف عن الحكومات الخمس الماضية التي افتقرت إلى البرنامج السياسي الواضح والرؤى المستقبلية القادرة على الدفع بعجلة التنمية إلى الأمام، لافتاً إلى أن السلطة التنفيذية هي المهيمن الأوحد على مصالح البلاد، طبقاً لما جاء في الدستور، ومجلس الأمة هو شريك في التشريع والرقابة على برنامج الحكومة، مشدداً على ضرورة أن تقدم الحكومة برنامج عمل زمنيا واضحا ومحددا حتى يتسنى لنا معرفة جديتها من عدمها، معتبراً أن سياسة ترضيات بعض أفراد أسرة الحكم التي انتهجها رئيس الحكومة سبيلاً في التشكل الوزاري، أظهرت مدى التناحرات داخل مجلس الوزراء. وأضاف النيباري: «هناك بعض الأسماء التي اعترضنا بشدة على توزيرها، أمثال نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية والتنمية الشيخ أحمد الفهد، فقد اتسمت تجاربه السابقة بالسلبية والفشل والدمار في مختلف المناصب التي تولاها كالرياضة والنفط والكهرباء»، مبدياً امتعاضه من توزير رئيس السلطة القضائية السابق المستشار راشد الحماد، نظراً إلى قدسية منصبه، وهناك تخوف من تأثير منصبه الجديد كوزير للعدل على القضاء. وأكد النيباري أنه في ظل الوضع البرلماني الراهن وبقاء عناصر التأزيم، في ظل حكومة ضعيفة غير قادرة على المواجهة، لا أمل للكويت في التقدم والتنمية، مناشداً الحكومة إلجام شهية أصحاب العبث السياسي، وغلق الباب أمام الممارسات الدستورية الخاطئة، داعياً الجميع إلى التفاؤل المحدود حتى لا نفيق على سراب. التنمية... وأصحاب النفوذ وبدوره، أبدى عضو مجلس الأمة أحمد السعدون امتعاضه من التشكيل الوزاري الحالي، لأنه جاء بأعضاء من الحكومات السابقة التي فشلت في إخراج البلاد من الأزمات المتكررة التي عصفت بها طوال الخمس سنوات الماضية، لافتاً إلى أنه كان يتمنى بعد التأخير الحكومي في إعلان التشكيل الوزاري، الذي كاد يُدخل الحكومة في مشاكل دستورية، أن يتم الاتصال بعناصر جادة قادرة على الدفع بعجلة التنمية في البلاد إلى الأمام، مبيناً أن سبب التأخير في إعلان التشكيل الوزاري هو استجداء إرضاءات «البيت الداخلي» لا بيت الشعب.واعتبر السعدون أن الحكومات السابقة افتقرت إلى القدرة على مواجهة سلبيات الماضي، وفشلت في التصدي للمال السياسي وشراء الاصوات، الذي كان على المكشوف في الدائرة الثانية دليلا واضحا على عجزها عن إدارة شؤون البلاد، مضيفاً أنه كان يتطلع إلى تشكيل وزاري يضم رجال دولة قادرين على اتخاذ القرارات الحاسمة والدفاع عنها وإعلاء هيبة القانون، لا سيما عبر تبني سياسة المبادرات لا ردود الافعال لإقرار المشاريع التي تحقق التنمية والرفاهية للمواطنين، مؤكداً أن السبب الاساسي في تعطُّل المشاريع التنموية هو رغبة المتنفذين في الاستيلاء على المشاريع كافة، موضحاً أن ما طرح في الخطة الخمسية عام 1985 يتكرر الآن! مستشهداً بفشل الحكومة متمثلة في ثلاث وزارات حيوية، في هدم مستشفى قديم بمنطقة الخالدية بسبب البيروقراطية القاتلة، متسائلاً: هل ستتمكن الحكومة من تطوير الخدمات الصحية وبناء المستشفيات؟!واعتبر السعدون أنه لا يوجد أدنى أمل في الحكومة الحالية، فهي إلى الآن لم تتقدم ببرنامج تنموي واضح، متحدياً الحكومات السابقة إن كانت جاءت ببرنامج تنموي واحد وقف المجلس حجر عثرة أمام تنفيذه، واصفاً الحكومة بأنها تغرق في «شبر ماء» فكيف ستقدم برنامج عمل وخطة خمسية حتى مطلع عام 2035، وهي لا تعرف يمينها من يسارها، مؤكداً أن هناك حكومة أخرى من أصحاب النفوذ هي التي تقود البلاد.ضياع هيبة الدولة من جانبه، أوضح النائب السابق أحمد المليفي أن الحكومة هي المهيمن الأول على مصالح الدولة، لأنها تملك حق وضع السياسة العامة لها وفقاً لما جاء في المادتين 123 و127 من الدستور، لافتاً إلى أن التشكيلات الوزارية الخمس السابقة لرئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد افتقرت إلى التخطيط الاستراتيجي للتنمية، وتسببت في ضياع هيبة الدولة وتغييب هيبة القانون حتى باتت البلاد لا تكاد تخرج من كبوة حتى تسقط في غيرها. واعتبر المليفي أن هناك ثلاث فلسفات ارتكزت عليها التشكيلة الحكومية الأخيرة، الأولى فلسفة التأزيم والمواجهات متمثلة في وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد، ونائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية الشيخ أحمد الفهد، والثانية هي فلسفة الهدوء متمثلة في وزير العدل المستشار راشد الحماد، ووزير الدولة لشؤون مجلس الأمة روضان الروضان، أما الأخيرة فهي فلسفة التكنوقراط متمثلة في وزير الصحة د. هلال الساير، ووزير الكهرباء والماء د. بدر الشريعان»، مؤكداً أن الفلسفتين الثانية والثالثة ستتلاشيان وتذوبان وستبقى فلسفة التأزيم والمواجهات، معتبراً أن تبني الحكومة سياسة المحاصصة الاجتماعية لإرضاء أفراد داخل أسرة الحكم ستؤدي إلى تدخل حكومي قد يصل إلى المساس بالمادة 50 من الدستور التي قضت بالفصل بين عمل السلطات مع ضرورة تعاونها، مبدياً امتعاضه من توزير الشيخ أحمد الفهد لإخفاقاته المتتالية في المرات السابقة التي تولى خلالها الوزارة، والتي تمثلت في توليه وزارة الاعلام، إضافة إلى سياسة الإباحية التي عصف بالوزارة حينذاك، ووزارة الصحة وفتحه باب «العلاج السياحي» على مصراعيه، واخيراً وليس آخراً وزارة النفط والاخفاقات الواضحة التي عاناها القطاع النفطي في عهده، معتبراً أن الكويت لم تعد تتحمل سياسة التجربة والخطأ، ويكفينا خمس سنوات من التردي والتراجع على الصعد كافة.
محليات
السعدون: حكومة أخرى من أصحاب النفوذ هي التي تقود البلاد النيباري: تجارب أحمد الفهد السابقة مدمرة... وتوزيره خطأ
11-06-2009