الجابرية تائهة ومصابة بانفصام في الشخصية وتعجّ بالسفارات والقنوات الفضائية!

نشر في 04-02-2010 | 00:01
آخر تحديث 04-02-2010 | 00:01
المنطقة أصبحت مقصداً لمكاتب المحاماة والحضانات غير المرخصة والمدارس الخاصة
التيه رواية للأديب عبدالرحمن منيف، وهي السلسلة الأولى من رائعته مدن الملح، وفي اللغة، كلمة التيه تعني المَفازة التي لا يُهتدى فيها، كما تعني الحيرة والضلال. والجرأة هي ما يحتاج إليه سكان منطقة الجابرية، التي بدأ السكن فيها منذ أواسط السبعينيات حينما كانت منطقة سكنية واضحة المعالم.

أما جابرية القرن الواحد والعشرين فهي مثل المصاب بانفصام في الشخصية. في داخل القطع السكنية هدوء وسكينة وراحة، وإزعاج وقلق وتعب في كل الشوارع الرئيسية في المنطقة التي تتفرع منها طرق القِطع.

ويمتلئ شارعا 110 و101 بالمركبات قبيل الساعة السابعة حتى التاسعة صباحا، وتختلط أصوات الأبواق مع هدير مكائن السيارات، إذ الجميع متوتر ويحرص على ألا تتسلل الرحمة أو "الأخلاق الرياضية" إلى نفسه، ويسعى الجميع إلى تضييق الخناق على الجميع، مقدمة السيارة تكاد تصطدم بمؤخرة تلك التي أمامها، وهكذا هو الوضع حتى نهاية الطابور عند المخرج المؤدي إلى طريق الملك عبدالعزيز، أو ذلك المؤدي إلى الدائري الرابع والخامس.

وما يحدث في الجابرية من فوضى مرورية وغيرها، اختزلته القارئة رولا علي سلطان في رسالتها التي ضمنتها شكواها وحزنها على ما يجري في منطقتها، التي حملت عنوان "منطقة الجابرية إلى أين؟"، وفيما يلي نص الرسالة: "ما الذي يحدث في منطقتنا؟ ولماذا هذا الخلط؟ وإلى أين يمكن أن نصل؟ كل هذه الأسئلة تتبادر إلى ذهني وأنا في منطقة الجابرية، ففيها تتجمع المدارس الخاصة، والمستشفيات الخاصة، والعمارات، والفلل السكنية، بالإضافة إلى مكاتب المحامين غير المرخصة، ومكاتب الاستشارات الهندسية غير المرخصة، ومحطات التلفزيون أيضا غير المرخصة، والسفارات والقنصليات ومكاتب السفارات، فلم نعد نعرف ما لها من طابع، أهي منطقة سكنية؟ أم منطقة تجارية؟ ومن أين تأتي هذه التراخيص التي تزيد يوماً بعد يوم؟ ومَن يقوم بالاشتراك في هذه التعبئة غير المنظمة التي تقوم على الاختناق المروري غير الطبيعي طوال الوقت، وما يترتب على ذلك مما لا يُحمَد عقباه، وهل انتهت مناطق الكويت لتتجمع كلها في منطقة واحدة؟ وإلى متى ستستمر بلا حسيب أو رقيب؟

كما أن الحدائق العامة التي انقلبت فجأة إلى كراجات للسيارات، وكأن الحدائق والمساحات الخضراء تملأ الجابرية، ولا نستطيع أن ننسى الممشى الذي بات مهجوراً لأن الوصول إليه أصبح مستحيلا من ازدحام السيارات ومداخل المدارس.

هذا ما حصل بمنطقة الجابرية التي باتت بلا هوية، والتي كانت من أحلى مناطق الكويت وأشهرها، وأعتقد أنه ينبغي أن تكون لنا وقفة ونطرح هذا السؤال. فهل تقبل هذا وذاك يا مَن أنت مسؤول عن كل هذا؟"

والمسؤولية يا أخت رولا عما يحدث هناك مشتركة تتحملها كل الهيئات الحكومية والأهلية، يقول أحد المواطنين الذين التقتهم "الجريدة" خلال القيام بهذا التحقيق: "حتى الأسعار... عندنا غير، تُباع البضاعة عندنا في الجمعية الرئيسية بدينار و400 فلس، وتباع شبيهتها في الجمعيات الأخرى بـ600 فلس، حتى الخضراوات ما يُباع بـ250 فلسا في المناطق الأخرى يكون ثمنه في منطقتنا 500 فلس"، ويضيف هذا المواطن "يمكن لأن الدبلوماسيين وايد في منطقتنا"!

صح النوم وقطعة 4

في المسلسل السوري المشهور "صح النوم" كان لحسني البرزان مقولة مشهورة "إذا أردت أن تعرف ما في إيطاليا فعليك أن تعرف ما في البرازيل"، وأهالي الجابرية يقولون "إذا أردت أن تعرف ما هي الفوضى فليس عليك الذهاب لا الى البرازيل ولا إيطاليا، تعال إلى قطعة 4!".

وقبل أن تصل إلى نهاية الشارع 101 حيث تبدأ منطقة مبارك الكبير الصحية، تطل برأسها عبر لافتة تشير إلى مقر الادارة، وتقابلها من الجهة الاخرى للشارع حضانة لذوي الاحتياجات الخاصة، بجانبها مباشرة مكتب او مركز للاستشارات القانونية، وقبل أن تصل الى الإشارة الضوئية الواقعة أمام المقر الرئيسي لثلاث جمعيات طبية كويتية، يتراءى لك مبنيان لمصرفين، وقد امتلأت واجهتهما الزجاجية بالماء من جراء محطة قديمة للمياه لاتزال تعمل... لمن؟!

وبعد الإشارة تدلك القطرة الحمراء على المبنى الرئيسي لبنك الدم ومن خلفه كلية الطب، وفي القطعة المقابلة 3 تحتل ادارة الفحص الفني التابعة لمرور حولي حيزا كبيرا على الشارع، مساهمة بذلك في زيادة الزحمة في هذه المنطقة.

يقول أحد الظرفاء: "تذكرك قطعة 4 بألعاب طفل متناثرة على الأرض، فهنا دمية، وهناك سمكة، وفي آخر الغرفة مشط وكتاب مصور، كلها أشياء جميلة ونحتاج اليها إلا انها حُشرت في علبة سردين، حتى كرهت أهل المنطقة في هذه القطعة".

back to top