قد تكون لغة الأرقام هي الأقرب لكشف الحقائق، وتشخيص الخلل، واقتراح الحلول، وبطريقة مقنعة وعلمية بعيداً عن أسلوب النقاش والجدل في دائرة مغلقة، ولغة الإحصاء في هذا الصدد في غاية الأهمية، ويجب التوقف عندها كثيراً للتأمل والدراسة ومن ثم اتخاذ القرار، ولذلك فإن سلسلة الكتاب السنوي للهيئة العامة للمعلومات المدنية يفترض أن تكون إحدى المرجعيات الرئيسة على مستوى القرار السياسي للدولة، وننصح أن يقوم نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير التخطيط والتنمية بعمل عرض مكثف أو دورة تدريبية وتعريفية لزملائه في الحكومة، وكذلك لكبار القياديين في الدولة حول الأرقام والإحصاءات والنسب الواردة في مثل هذه التقارير، خصوصاً أننا على أعتاب عهد جديد من التنمية.

Ad

وهناك مجموعة من الأرقام فيما يتعلق بأصحاب التخصصات العلمية والمهنية المهمة، والتي يفترض أن تكون عصب التنمية، تدعو فعلاً للقلق وربما للخوف من المستقبل، ولكن لنبدأ بمقدمة مخيفة أيضاً وهي أنه خلال السنوات العشر القادمة سوف يكون هناك أكثر من 300 ألف طالب كويتي بانتظار مواصلة الدراسة الجامعية، وإذا أخذنا معدل الخريجين من الجامعات الحكومية والخاصة والبعثات الخارجية وقدرتها الاستيعابية فسوف نحتاج إلى أكثر من خمسين سنة حتى يتخرج هذا العدد المهول من الطلبة!!

وفيما يخص التخصصات العلمية فهل تعلم أن نسبة الأطباء الكويتيين وبعد أكثر من نصف قرن من الزمان على بدء التعليم في الكويت لا يتجاوز الربع من مجمل الأطباء العاملين في الدولة، بينما لا تصل نسبة أطباء الأسنان إلى حتى 20%، في حين أن نسبة شاغلي الوظائف الطبية المساعدة من فنيي الأشعة والمختبرات لا تكاد تصل إلى 10%!!

أما المهندسون وفي مختلف المجالات العلمية فنسبتهم فقط 22% من مجموع المهندسين العاملين في الدولة، بل إن النسبة في بعض التخصصات الهندسية النادرة مثل الهندسة الكيميائية والميكانيكا وهندسة البترول تصل إلى أقل من ذلك بكثير!

وأما رجال القانون والمحامون والقضاة الكويتيون فليسوا بأفضل حال من زملائهم في الطب والهندسة، إذ لا تتجاوز نسبتهم في القطاعات القانونية أيضاً 25% بعد من مجمل العاملين في هذا المجال في دولة الكويت.

والخوف الأكبر من ذلك بل التحدي الأصعب هو أننا مقبلون على مشروع تنموي جبار، وبميزانية ضخمة للسنوات الأربع القادمة، وبقيمة 30 مليار دينار، وليس فقط أن العمالة الكويتية المهنية والفنية غير قادرة على إدارة هذا المشروع وهو الأمر المؤكد، ولكن نسبة التخصصات المهنية هذه سوف تتراجع وبشكل كبير جداً بسبب الغزو الجارف المتوقع من العمالة الوافدة في مختلف المجالات الخاصة بمشاريع التنمية العملاقة.

فالكويتيون قد لا يكونون مجرد أقلية صغيرة مرة أخرى في بلدهم، بل قد تسنح لهم الفرصة أيضاً في اكتساب الخبرة الميدانية من المشاريع الجديدة، ولا يقدرون أن يتركوا البصمة الوطنية على مستقبل التنمية في البلاد!!

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة