يخطئ إعلامنا العربي عندما ينقل عن قناعة أو بسبب ما بات يوصف بالموضوعية في نقل الأخبار بالقول إن إسرائيل قد وجهت «إهانة» إلى الإدارة الأميركية عندما أعلنت خطتها بإنشاء 1600 وحدة استيطانية- استعمارية- في القدس الشرقية أثناء زيارة جو بايدن نائب الرئيس الأميركي إلى فلسطين المحتلة!

Ad

ويخطئ الزعيم اللبناني الدرزي وليد جنبلاط وكل من يفكر مثله عندما يعزي سبب تشاؤمه بالحل إلى ما يسميه بـ»ضعف الإدارة الأميركية الراهنة تجاه إسرائيل ما جعل آفاق التسوية مسدودة في المنطقة»!

إذ يكفي أن نستمع إلى ما قاله جو بايدن نفسه عن هذه المسألة حتى نكتشف أن هذه الخطوة لم تكن «مهينة» فضلاً عن أنها لم تكن ناتجة عن «ضعف»، بل إن الأمر لا يعدو كونه مجرد توزيع أدوار لمخرج واحد، فلنستمع إلى نائب الرئيس الأميركي وهو يخاطب الإسرائيليين في جامعة تل أبيب:

- «إن إسرائيل تواجه كل يوم تهديدات ليس بمقدور أي دولة أن تتحملها، ولذلك فإننا لن نتراجع عن تأمين حماية إسرائيل في هذه المنطقة المعادية، ونؤكد شرعية إسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها».

- «إن أميركا ليس لديها من صديق أفضل من إسرائيل في العالم كله»!

- والأهم من ذلك «أن العلاقة بين الدولتين لا يمكن أن تتأثر بأي تغيير في سياسة الدولتين أو الحزبين الحاكمين» (يقصد الجمهوري أو الديمقراطي)!

- والأكثر من ذلك عندما يقول: «إن إسرائيل دخلت قلبي منذ الصغر، ودخلت عقلي منذ النضج»!

- لكن الأكثر خطورة هو ما قاله مختتماً قصيدة مدحه بهذه المدللة لدى الجنتلمان الأبيض: «لقد قلت في خطاب قبل سنوات إنني لو كنت يهودياً لكنت صهيونياً، وقد واجهت العديد من الانتقادات من جراء ذلك إلى أن تذكرت ما قاله يوماً لي والدي بأنك لست في حاجة لأن تكون يهودياً كي تكون صهيونياً»!

يا إلهي! ألا يقرأ العرب والمسلمون بدقة ما يقوله هؤلاء «الأنغلوساكسون» من جماعة الصهيونية المسيحية التي تتحكم بما بات يسمى بالمجتمع الدولي منذ إنشاء هذا الكيان اللقيط حتى هذه اللحظة التاريخية الخطيرة التي نمر بها؟!

إنه يقول لنا ما يلي:

أولاً: إن إسرائيل هي الموجود الطبيعي، وكل ما حواليها هو منطقة معادية وغريبة، وإن من حقها أن تدافع عن نفسها، ومن حق الأميركيين تبعاً لذلك أن يبذلوا كل ما لديهم للدفاع عنها في وجه من هم معتدون من عرب وفرس وأتراك و... لاسيما أولئك الكنعانيين الذين يسمون أنفسهم بالفلسطينيين!

وبالمناسبة، فإن أطفال أميركا البيض لايزالون يتعلمون أن الهنود الحمر- وهم سكان أميركا الأصليون- هم من اعتدوا على أجدادهم القديسين بسبب توحشهم ورفضهم لقبول الحضارة الغربية الصهيونية النبيلة التي جاءت لتبني إسرائيل الأولى الموعودة في التوراة في مجاهل القارة الجديدة آنذاك! يا الله ما أشبه اليوم بالبارحة!

ثانياً: إن ما تسمعونه أيها العرب والمسلمون عن خلافات أميركية إسرائيلية هي ليست في الجوهر بتاتاً، لأن هذا المولود اللقيط، هو من صنعنا نحن، ولن نتخلى عنه إلا مكرهين ومرغمين، وتحت وابل من الهزائم المتلاحقة لنا نحن وليس لفرعنا المنتدب لديكم!

ثالثاً: لا يحتاج المرء أبدا إلى أن يكون يهودياً حتى يصبح صهيونياً، فضلا عن أن كل يهودي هو صهيوني بالضرورة، وبالتالي فإن صهيونيتنا- نحن الغربيين- متأصلة في ثقافتنا الأساسية أبا عن جد، ولا داعي بالتالي للبحث كثيراً عن سبب تلاحمنا الاستراتيجي مع ما هو جزء لا يتجزأ منا عقيدة وثقافة، فضلاً عن الأمن والسياسة والاقتصاد!

فأين الإهانة في ما عمله نتنياهو، وأين الضعف الذي أبداه بايدن؟!

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني