لاشك أن عمليات إعادة هيكلة الشركات قد باتت اليوم الشاغل الأكبر لمجتمع الأعمال، ليس على المستويات المحلية والإقليمية فقط وإنما على الصعيد العالمي أيضاً.

Ad

وتناولت كل الأوساط الاستثمارية هذا الإجراء كأحد أهم الحلول الرئيسية والمطروحة التي تساعد الشركات المتعثرة في تجاوز محنتها ومزاولة نشاطها مرة أخرى في ظل تداعيات الازمة المالية.

إلا أن الأزمة لم تطل هذه الشركات فقط وانما امتدت لتؤثر في كل أوجه النشاط الاستثماري، فمازالت مشكلة الصناديق النقدية تتضخم يومياً في ظل تكشف حقائق جديدة قد تكون مؤشراً لبنود تعثر جديدة لدى الكيانات المالية التي لا حول لها سوى اخذ مزيد من المخصصات التي قد ترهق ميزانياتها المالية إن استمرت بالوتيرة نفسها، خصوصا أنه لا يستبعد ان تصل اجمالي انكشافات تلك الصناديق على شركات محلية إلى حدود المليار دولار.

في هذا السياق، رأت مصادر استثمارية انه مع تحول تلك الصناديق إلى ذراع مصرفية للشركة التي تديرها بحثاً عن الفائدة المرتفعة أو الربح السريع باتت تمثل مشكلة حقيقية وفي سبيلها الى التضخم، إذ ان معظم معاملات تلك الصناديق تمت لمصلحة الشركات الاستثمارية التي تعمل وفقاً لاحكام الشريعة الاسلامية، حيث توفر تلك الشركات عوائد اكبر من خلال المرابحات.

وأشارت المصادر إلى أن بعض الحالات التي كانت تطلب فيها شركات "عقود مرابحة" من قبل الشركة المديرة للصندوق لظروف الحاجة الملحة إليها كانت تطبق عليها فائدة تصل أحياناً إلى 20 في المئة، بل هذا هو ما حدث بالفعل وزاد موقف بعض الكيانات المتعثرة سوءاً.

تفاقم الأزمة

وأكدت المصادر أن توجه الأوساط المالية للمساهمة في الصناديق النقدية جاء نتيجة طبيعية لحجم العوائد المرتفع الذي كانت تحققه في ظل الظروف الطبيعية أي ما قبل الازمة المالية، منوهة إلى أن البحث عن هذا العائد جعل جانباً من الاموال التي تستثمر في صناديق الأوراق المالية أو الصناديق العقارية تهرب إليها ما زاد الوضع سوءاً، إذ وقعت شرائح عدة في قبضة تعثر الشركات منها افراد وشركات ومؤسسات.

وبسيل من الاتساق باتت الصناديق النقدية أحد أبرز أسباب انكشاف الكثير من الشركات التي تمثل الطرف المستفيد منها.

وتوقعت المصادر أن تتفاقم أزمة الصناديق النقدية خصوصاً أن أطرافاً كثيرة وقعت كضحية لها أو بالأحرى لسياستها التي لا تعترف بالتحفظ في تحركاتها منها أفراد توجهت فعلياً الى القضاء للمطالبة بحقوقها، إلا أن الشركات التي تدير تلك الصناديق تتابع من خلال القنوات الرسمية تلك الامور، في الوقت الذي تحاول أن تأخذ مخصصات لمساهماتها في الصندوق فقط دون الاهتمام بما تكبّده الصندوق من خسارة من جراء القروض التي وفرها من خلال عقود المرابحة مثلاً.

إعادة التوجيه

في هذا السياق تقول مصادر استثمارية إن صناديق النقد لا تخضع لعمليات إعادة هيكلة مثلما هو حال الشركات المتعثرة، والحل هنا يكون بإعادة التوجيه، فدائما ما تدخل اموال هذه الصناديق في ودائع أو مرابحات أو سندات أو صكوك أو عمليات الاقراض، ومن هنا يكون الأفضل هو تحويل النقد الى وديعة أو سندات.

فما يميز صناديق الاموال انها سائلة، ولذلك فعند تعرضها لأي أزمة فمن الممكن سحب الاموال منها بسهولة، وهو ما حدث بالفعل عند تعثر عدد من الشركات منذ اندلاع الشرارات الأولى للأزمة المالية، فقد انخفضت قيمها بعدما توجه الكثير من المستثمرين الى سحب السيولة منها، عقب الازمة، وايداعها في ودائع آمنة حيث باتت الودائع أفضل منها خاصة بعدما أصبحت عوائد تلك الصناديق لا تزيد على 1.5 في المئة، وبذلك تقلصت رؤوس الأموال العاملة للصناديق النقدية.

وقالت المصادر إن الشركات كانت تعتمد على السندات والمرابحات، وذلك ما اختفى في الوقت الحالي حيث أصبحت تلك الصناديق كالودائع وعادة ما تكون حساباتها "تحت الطلب"، ولذلك فهي لا تعطي العوائد المتفق عليها في السابق فأفضلها يعطي 2 في المئة فقط.

وإعمالا لذلك فإن مشكلة صناديق النقد تتمثل في أنها لا تخضع لعمليات اعادة الهيكلة شأن الشركات، ولكن الفاصل هنا في كيفية تحصيل أموالها أو إعادة توجيهها، إذ إن النقد لا تنخفض قيمته ومن هنا يكون الافضل هو تحويل النقد الى وديعة أو إلى سندات، لأن السيولة تقلصت ولأن الصندوق النقدي لا يوفر خيارات اخرى للاستثمار، أضف إلى ذلك أن الصكوك وعمليات الإقراض أصبحا ذا مخاطر عالية جداً في ظل الأزمة.

وأشارت المصادر إلى أن عمليات اعادة التوجيه لصناديق النقد ستظل على ما هي عليه، أي في اتجاه السندات والودائع، الى أن تتضح الرؤية ونتجاوز الأزمة فتتجه بعد ذلك إلى الصكوك والمرابحات وعمليات الإقراض كالسابق.

حلول أخرى تبنتها عدد من صناديق السوق النقدي في الفترة الأخيرة، إذ تقدمت بطلبات إلى بنك الكويت المركزي، بهدف إعادة رسملة عدد منها، خصوصاً تلك التي بلغت نسبة الرسملة فيها نحو 100 من الإجمالي المسموح فيه لرأس المال المفتوح، وأرادت تلك الصناديق تغطية المبالغ التي تعثر عدد من العملاء عن سدادها، بسبب توقف خطوط الائتمان في الأزمة المالية.