البدون والمعاقون

نشر في 21-07-2009
آخر تحديث 21-07-2009 | 00:00
 إيمان علي البداح الأولوية أخلاقياً وقانونياً وإنسانياً في استخدام الموارد وتسخير الطاقات تكون للأضعف في المجتمع، وغير القادر على حماية نفسه وصيانة حقوقه بنفسه، كالأقليات والأطفال والمعاقين وغيرهم. ولكن في الكويت تنقلب المعايير والأولويات في الساحة السياسية فتتحول الموارد والطاقات إلى مصلحة الأقوى- سواء الناخب الذي يتحكم في توجه القرار السياسي أو التاجر الذي يمول ويحرك العملية السياسية. أما الحلقات الأضعف في المجتمع التي لا صوت لها ولا سلطة فلا يكتفي البعض بتجاهل حقوقهم واحتياجاتهم فحسب، بل ينافسهم أيضاً على القليل من الموارد المخصصة لهم.

الأخبار والمعلومات التي غطتها الصحافة على استحياء حول وضع المعاقين يندى لها جبين أي شخص يملك "ذرّة إنسانية"، فمن اعتداءات وسوء رعاية إلى نصب واحتيال علني للاستفادة من المزايا القليلة المخصصة لهذه الفئة. فما كان الرد؟ وما التحرك؟ وكيف يقارن بالرد والتحرك على إعلانات الداخلية؟ أين وزير الشؤون؟ لجنة المعاقين في مجلس الأمة؟ لماذا اختفى "ضمير الأمة" رئيس اللجنة من كل هذا؟ هل الخمسة ملايين أغلى من أرواح وأعراض الناس؟ أليس ما صرف على غير استحقاق من علاوات ومكافآت على أصحاء البدن ومرضى النفوس من المال العام؟

من ناحية أخرى، لا يخلو برنامج انتخابي من عبارة "علاج دائم وإنساني لقضية البدون" من باب استمالة العائلات والقبائل المرتبطة بعوائل أو أفراد بدون جنسية. ولكن القضية تختفي بقدرة قادر فور انتهاء الانتخابات. الخبر الأخير حول توجه وزارة التربية إلى الاستعانة بالبدون في التدريس تم الترويج له كحل عملي وإنساني لمشكلة قصور المدرسين ومعاناة البدون الدائمة في التوظف. ولكن إيجابيات الخبر تبخرت بشروط ديوان الخدمة المدنية الذي حصر التوظيف في أبناء الكويتية المسجلين بإحصاء 1965 وأبناء الشهداء والعسكريين- أي الفئات المستحقة للجنسية أصلاً، ونفس الفئة التي تم التصريح مسبقاً بإصدار هويات وعقود زواج وشهادات ميلاد لهم ليتمكنوا من العمل! ما المعقد في موضوع البدون حتى لا يحل بشكل قاطع ونهائي؟ لمَ لا تتوافر عزيمة القرار مادام كان هنالك اتفاق "انتخابي" على الحل؟ لمَ تتراجع أولوية هذه القضية الإنسانية أمام أصغر وأتفه العقبات؟

المعاق إنسان امتلك مشكلة جسدية أو عقلية أثرت في قدراته على تأمين كامل احتياجاته بنفسه، والبدون إنسان امتلك مشكلة سياسية منعته من تأمين أغلب احتياجاته. كلاهما "إنسان" قبل وبعد كل شيء، وكونه ذا مشكلة يجعله على سلم الأولويات إنسانياً واجتماعياً، وإن لم يكن له "صوت" أو ثقل سياسي. فلنأمل أن تعود قضايا المعاقين والبدون وغيرهم من أصحاب المعاناة الإنسانية إلى أعلى سلم الأولويات بأسرع وقت!

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top