هل تجاوزنا قضية الرأي؟

نشر في 07-06-2010
آخر تحديث 07-06-2010 | 00:00
 أ.د. غانم النجار في الحادي عشر من مايو الماضي تم احتجاز محمد عبدالقادر الجاسم في جهاز أمن الدولة على خلفية شكوى تقدَّم بها الشيخ ناصر صباح الأحمد وزير الديوان الأميري، ثم تم عرضه على النيابة التي أمرت باستخدام حدها الأقصى في حبسه 21 يوماً على ذمة التحقيق. ونحن وإن كنا نرى في ذلك الإجراء تعسفاً، كما لا نظن أنه من الجائز التعامل مع قضايا الرأي بمنطق أمن الدولة بل بمنطق جنح صحافة، فإن الإجراء - على تعسفه ومع عدم قبولنا له - كان في حدود المسموح به قانوناً.

وكان أن عقدت المحكمة أولى جلساتها يوم الاثنين 24 مايو، حيث اتضح لنا خلال حضور المحاكمة أن ضابط الداخلية قد أساء معاملة الجاسم وهدده، وانتهت الجلسة بتحديد موعد قادم هو اليوم الاثنين 7 يونيو، لم نسمع من القاضي أنه أمر بتمديد الحجز، علما بأنه حسب الأصول المتبعة فإن تجديد وتمديد الحجز تعقد له جلسة خاصة بعد انقضاء مدة الـ21 يوماً، ولكن ذلك لم يحدث، وانقضت مدة الحبس الاحتياطي في 31 مايو، وكان من المفترض أن يتم الإفراج عن الجاسم حينها، إلا أن وزارة الداخلية استمرت في الحجز حتى اليوم دون أمر حجز من أي جهة، وقد أبلغني المحامي عبدالله الأحمد أن محضر جلسة المحكمة لم يتضمن أي إشارة للحجز، وأنه قد تقدم ببلاغ ضد وزير الداخلية بتهمة حجز مواطن بصورة غير قانونية.

كنا نتعامل مع قضية محمد عبدالقادر الجاسم كقضية رأي، فاتضح لنا أن هناك خروقات لا يمكن السكوت عنها تتجاوز الحجر على حرية التعبير، وحيث إن هذه القضية قد فتحت الباب على مصراعيه فهل لنا أن نتساءل عن عدد الأشخاص المحبوسين في السجون المختلفة هكذا تعسفاً وقسراً وبلا قانون ولا يحزنون. أتمنى مخلصاً أن تكون هذه القصة خيالية، وألا يكون لها أساس من الصحة، فهي تضرب بقوة في عدالة إنفاذ القوانين، والتي قد يعانيها المهمشون والضعفاء ومن لا صوت لهم.

خلال الحقبة الأولى من مجلس أمة 1992 وردت شكاوى كثيرة من إساءة استخدام السلطة دون مسوغ قانوني، وكانت الشكاوى تركز على وجود المئات المودعين في سجن طلحة للإبعاد الذين ظلوا هناك شهوراً طويلة، وبعضهم تخطت مدة سجنه السنة وزيادة، وعندما بلغت تلك التعديات مداها قامت لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان بمجلس الأمة بالدخول عنوة إلى سجن طلحة ويالَهول ما اكتشفته، نتج عن ذلك الإفراج الفوري عن مئات المساجين، بالطبع لم تتم مساءلة أحد عن ذلك السلوك الشائن وكل ما حدث كان ابتسامة باهتة من المسؤولين، وهزة كتف، ومقولة "شنو يعني، ما نغلط، سامحونا"، "اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا" ولا حول ولا قوة إلا بالله.

back to top